عبده الأسمري
للمعارف هامات وللعلوم مقامات تستند على «أصول» العلم وتعتمد على «فصول» التعلم وتتعامد على مساحات ودروب تنتهي بحصد «ثمار» المنافع وتؤول إلى جني «استثمار» الفوائد..
تتعدد ميول واتجاهات الناهلين من المعارف بالشهادات الدراسية أو الخبرات العملية أو المشاهد الحياتية من خلال توظيف المعرفة وتسخير العلوم وتكريس الخبرة في خدمة الناس وإعانة المجتمع أو الاتكاء على تلك الأوراق المختومة لتكون جوازات سفر إلى موطن «الوظيفة» وجلب «المال» و»جني» الشهرة..
في صفحات التاريخ «وقائع» و»حقائق» لشخصيات نهلت من العلم «حروفه» الأولى و»وصوفه» المثلى في سنوات دراسية محدودة طغت عليها الموهبة وغلبت عليها المهارة فاتجهوا إلى «التأليف» وإلى «الإبداع» الذاتي وظلوا يوزعون عطاءاتهم بأنفس فضلت الإيثار على حساب النفس فظلت مقيمة في مواطن «الكتب» وثاوية في مرابع «الكتابة».
وقد سجلت أحداث مختلفة فشل «الشهادات» العليا في تأهيل البعض الذين نالوها من أجل «الوجاهة» الاجتماعية وحصدوها لغرض «الشهرة» الذاتية فسقطوا في «فخ» الأحاديث ووقعوا في «مصائد «الأحداث لأن عقولهم محشوة بالتلقين مكتظة بالحفظ بعيداً عن تجميل الشهادة بالإجادة في التعامل والجودة في التأهيل.
يتجه بعض أصحاب الشهادات إلى «بيروقراطية» تجعله في حيز «التعميم» وبمنأى عن «متن» التقييم الذي يجعل المتلقين والمستفيدين من معرفته شهوداً حقيقيين على «شواهد» الإنتاج يعكس استدامة المهمة واستقامة الهمة.
الشهادة «حصيلة» للجد و»محصلة» للاجتهاد وعلى صاحبها أن يكون انعكاساً حقيقياً للمأمول وامتداداً واقعياً للمنشود في سبيل صناعة فوائد «التخصص» وصياغة عوائد «الاختصاص» وسط دروب من الموضوعية التي تعتمد على نشر العلوم واحترام المعارف في أهداف متكاملة تسهم في اقتدار مُقدِّم العلم وتقدير مُتلقِّي التعلم.
رغم مرور عقود على رحيل أصحاب شهادات ظل ذكرهم مقترناً بعبارات كتبت على صفحات التاريخ بحبر الشفع وتأصلت في نفحات الأنفس بعطر النفع فكانت تلك النماذج دليلاً واقعياً وبرهاناً حقيقياً على ترجيح كفة «العطاء» وتوضيح صفة «السخاء» لأنهم أتقنوا وأجادوا الدور الحقيقي للشهادة والتي يجب أن تخرج من الجانب العقيم إلى المجال العميق بأنها منبع للإفادة ونبع للإجادة.
من النماذج التي ربطت حصيلة المعارف بمحصلة المشارف أولئك الذين أفنوا أعمارهم في تسخير مقدرات العلوم وقدرات الذات في صناعة مقومات الإنتاج العلمي من خلال ما أنتجوه من مؤلفات قيمة ومحاضرات نافعة ومعالم شافعة ظلت شاهدة على الحضور العلمي وصامدة أمام التغير الزمني.
يعتقد البعض أن انسياق ركب من «الجاهلين» وراء بعض الموجات يجعله يتقدم القافلة ليركب «الموجة» السائدة ظناً منه أنه يجلب «المشاهدات» ويؤصل «الشواهد» فكانت «النهاية» الغرق في قيعان «الأخطاء» والسقوط في قعر «المتاهات» بعد أن جاءت «مجاهر» المنطق وتجلت «مظاهر» الصواب لتعري هذه الشخصيات من «الأقنعة» والتواري خلف «منعطفات» الفلس والاختباء وراء «تداعيات» الإفلاس.
للمعارف حصيلة لا تكفيها «الشهادات» وإن حمل صاحبها أعلى درجات العلم إن لم تكن مقترنة بالأخلاق ومقرونة بالقيم وأن يكون الشهود على ذلك «الفضلاء» والمتفقون على الأمر «النبلاء» على أن تكون النتائج موثقة بالأهداف ووثيقة بالرؤى التي تخدم المجتمع وتنفع البشر.
ننتظر أن ترتبط الشهادة العلمية بأن يكون صاحبها أنموذجاً للمعرفة التي تحتم عليه أن يوظف إمكانياته من أجل خلق المكانة المرتبطة بالمعاني الضرورية لنفع المجتمع وتسخير المعارف التخصصية في خدمة الإنسان وصناعة المستقبل الحقيقي الذي ينطلق من أصول المعرفة إلى فصول الثقافة التي تندرج على ضوئها العديد من الإيجابيات التي تساهم في رقي السلوك وفي ارتقاء الأهداف سواء في اتجاهات العيش أو في نتائج الأعمال.
ما بين الشهادات والشهود والشواهد ترتقي الأمم وترتفع الهمم للتواؤم ما بين العلوم والمعارف والأخلاق والقيم حتى يكتب «التاريخ» نتائج الفلاح على «صفحات» ناصعة من النجاح.. وصولاً إلى توزيع إهداءات «النفع» وإسداءات» النصح» لبناء «مجتمع» راقٍ يعكس أصولنا ويوظف فصولنا ويراه العالم أجمع منبعاً للاقتداء ونبعاً للاحتذاء.