عثمان بن حمد أباالخيل
لمْ يعد كبيرًا كما كان سيد نفسه أو سيدة نفسها، أصبح صغيرًا وأصبحت صغيرة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى. لمْ يعد يعرف أو تعرف من حولها، تغيرّت التصرفات والحركات والأقوال وخدمة النفس. دائرة الاهتمام أوشكت أنْ تقترب من مركز الدائرة. إنه الزهايمر إنه خلل دماغي، إنه فقدان الخلايا على الدماغ كلياً في المراحل المتقدمة، إنه الخرف مع بعض الفروقات، إنه أَرْذَلُ الْعُمُرِ، إنه هرم البدن وضعف العقل. مرحلة عمرية صعبة ومؤلمة مرحلة حزينة، مرحلة يخيم عليها الشفقة. ما يحزن أكثر أولئك الذين يتضجرون ويهربون بعيدًا وينسون من يكون, أو من تكون، وجوابهم السريع لا يعرفنا أو لا تعرفنا لكنهم يعرفون من يكون أو من تكون. «الزهايمر أضعف جدّة أولادي، لكنه لم يبدّل من صورتها الجميلة في مخيلتي».
دار المسنين يتملكك حزن كبير وأنت تدخل دار المسنين صور كثيرة وقصص مؤلمة بعضها عقوق وبعضها مرض والبعض الآخر الخرف. تلفتوا من حولكم ستجدون هناك صوراً جميلة وصوراً أخرى بشعة بشاعة من يقوم بها، صور جميلة بالعناية بمصاب الزهايمر مهما تكن درجة الإصابة، وصور أخرى بشعة تبعد عن المصاب وتتذمر وتتأفف إنها قمة العقوق وانعدام الإنسانية. الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الزهايمر فخر وعطاء رؤيتها (الريادة في التعريف ونشر الوعي الصحي والنفسي والاجتماعي بمرض الزهايمر) ورسالتها (الوصول بمستفيدي الجمعية وذويهم وجميع فئات المجتمع إلى أعلى مستويات الوعي بمرض الزهايمر وتفعيل الشراكات الاستراتيجية بين الجهات ذات العلاقة لتحقيق أهداف الجمعية قريبة وبعيدة المدى).
130 ألف مصاب بالزهايمر في مملكتنا الغالية، الدواء الذي يتناولنه غير مجدٍ فهو يساعد على تخفيف وطأة المرض على المريض وأسرته لكي ينعموا بحياة أفضل، أفضل لأصحاب القلوب البيضاء النقية نقاوة ثلج جبل اللوز، وأسوأ لأصحاب القلوب الملوثة القلوب القاسية بنزعات الشيطان الذي يوحي لهم بالابتعاد والتخلي عن ذويهم. ماذا يحتاج مريض الزهايمر؟ سؤال إجابته ليست صعبة ولا تحتاج إلى علماء اجتماع وعلماء نفسيين، سوف أساعد المتململين من ذويهم، المريض يحتاج إلى لتعامل مع الأمور ببساطة، الحرص على تناوله الأدوية، توفير الأمان، تناوله الأطعمة المفيدة، تواصله الاجتماعي. بكيت طويلاً وذرفت دموعًا أحرقت وجهي حين سمعت أن أختي الله يرحمها قالت: لا تتركوا أحدًا يضحك على تصرفاتي حين أصاب بمرض بالزهايمر.
يامن في بيته مصاب بالزهايمر احمدوا الله على قيامكم بخدمة المصاب، أجره كبير وراحة أنفسكم تعطيكم سعة الرزق وسعة الصدر. وخير ما نقول هذا الدعاء للرسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأعُوذُ بِكَ أنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ) اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا.