الثقافية - علي القحطاني:
عُرف الدكتور محمد بن عبدالله المشوِّح بثلوثيته الشهيرة التي انطلقت قبل أكثر من اثنين وعشرين عامًا بمحاضرة لمعالي الشَّيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشَّيخ، واحتفت بأسماء كبيرة من أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب الفضيلة وعدد كبير من المثقَّفين والأدباء. ود.محمد المشوّح رجل متعدّد المواهب والأعمال، فهو أديب وإعلامي ومستشار ومحامٍ، قدَّم للمكتبة الإذاعية برنامجًا إذاعيًا مميزًا مع الرحالة الشيخ محمد العبودي، له نشاطٌ في التأليف وعدد من الكتب المطبوعة بالإضافة إلى مشاركته في كتابة عدد من المقالات في الصحف والمجلات الثقافية والبرامج الإعلامية عبر الإذاعة والقنوات الفضائية المختلفة. في لقائنا مع الدكتور محمد بن عبدالله المشوح تحدث لـ(الثقافية) عن حياته الأولى في المحاماة والاستشارات القانونية، ودور دار ثلوثية محمد المشوح في المشهد الثقافي وكونها مختصة بنشر وتوزيع وطباعة مؤلَّفات الشَّيخ الرحَّالة مُحَمَّد بن ناصر العبودي -رحمه الله- الَّتي تربو على أكثر من (250) عنوانًا، وللدكتور محمد المشوح شغف بعالم الكتب وزيارات المكتبات والعامة والخاصة، ويظهر ذلك من خلال حسابه الشهير في منصة تويتر. وختم لقاءه بالحديث عن جمعية العناية بالمكتبات الخاصة الحقيقة؛ آماله وأحلامه فيها.
البداية
* انطلقت ثلوثيَّة المشوَّح قبل ربع قرن من الزَّمان بمحاضرة لمعالي الشَّيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشَّيخ، واحتفت بأسماء كبيرة من أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب الفضيلة وعدد كبير من المثقَّفين والأدباء، هل هناك تعاون بين ثلوثيَّة مُحَمَّد المشوِّح وغيرها من المنتديات الثَّقافيَّة والصَّالونات في المَملكَة العربيَّة السُّعوديَّة؟.
_الحقيقة إن الثلوثيَّة منذ انطلاقتها قبل ما يربو على ربع قرن وهي تمدُّ يديها دومًا إلى جميع المؤسَّسات الرَّسميَّة والمدنيَّة؛ للتَّعاون المشترك، وقد أثمرت هذه الدعوة من الثلوثيَّة عن العديد من الشراكات واتفاقيات التَّعاون والمفاهمات بين الثلوثيَّة وبين غيرها من الجهات الأخرى، وكان هناك تفاهم دائم ومشترك بين نادي الرِّياض الأدبي وبين الثلوثيَّة، وكذلك اثنينيَّة الشَّيخ عبدالمقصود خوجة -رحمه الله- لَمَّا كان موجودًا، فقد كان هناك تعاون بيننا، وأثمر هذا عن تقديم العديد من الأوراق عن الصَّالونات الثَّقافيَّة وسبل تطويرها، والتَّعاون الجماعي المشترك البنَّاء بينها، وغير ذلك من الأمور، وشاركت الثلوثيَّة أيضًا في عدد من اللِّقاءات، مثل؛ اللقاء الَّذي دعا إليه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني عن المنتديات والصَّالونات الثَّقافيَّة، وقدَّمتُ خلال ذلك الملتقى ورقة عن الدَّور الثَّقافي الَّذي تنهضُ به الصَّالونات والمنتديات من خلال الحوار الَّذي تقدِّمه بين الحضور.
وأيضًا من المفاهمات هذه العديد من الدَّعوات والجلسات الَّتي دعت إليها الثلوثيَّة مع أصحاب المنتديات وكرَّمتهم، مثل منتدى الدُّكتور عبدالعزيز العُمري، وغيره من المنتديات.
كما شاركتُ أنا شخصيًّا في العديد من اللِّقاءات مثل ندوة وادي القرى في العلا للدُّكتور سالم البلوي، وكذلك ألقيتُ مشاركات عدَّة في عدد من المنتديات مثل منتدى حمود الذِّييب، وأحديَّة عبدالكريم الجاسر -رحمه الله- وشاركت كذلك في ثلوثيَّة عمر با محسون الَّذي أيضًا تفضَّل مشكورًا بالدَّعوة إلى عقد جلسة وندوة كبرى موسعة، إضافة إلى حفل تكريميّ لشخصي، وشارك في هذه النَّدوة العديد من الأساتذة الباحثين عن دور ثلوثيَّة مُحَمَّد المشوِّح في المشهد الثَّقافي، هذا مجمل للتَّعاون المشترك البنَّاء الَّذي قامت به الثلوثيَّة خلال مسيرتها مع عدد من المؤسَّسات الثَّقافيَّة، إضافة إلى الصَّالونات والمنتديات الَّتي في المملكة العربيَّة السُّعوديَّة، -وكما أشرت قبل قليل- إلى أنَّه تمَّ تكريم العديد من الشَّخصيَّات أيضًا، مثل الدُّكتور عبدالمحسن القحطاني من جدة صاحب أسبوعيَّة عبدالمحسن القحطاني؛ حيث تمَّ تكريمه في الثُّلوثيَّة، وغيرها من الشَّخصيَّات الأخرى.
دار الثلوثية
* تقوم دار الثُّلوثيَّة بنشر وتوزيع وطباعة مؤلَّفات الشَّيخ الرحَّالة مُحَمَّد بن ناصر العبودي، الَّتي تربو على أكثر من (250) عنوان، هل الدَّار قامت بطباعة جميع هذه المؤلَّفات؟، وهل هناك كتب لم تُطبع حتى الآن؟، وهل هناك كتب رقميَّة يتمُّ إتاحتها لأكبر عدد من القرَّاء للاستفادة من تراث وعِلْم الشَّيخ مُحَمَّد العبودي؟.
- الحقيقة إنَّ الشَّيخ الرَّحَّالة العلَّامة شيخنا مُحَمَّد بن ناصر العبودي -رحمه الله- أحد علماء هذه البلاد الَّذين كان لهم دورهم وإسهامهم العلمي والثَّقافي في مسارات عديدة، سواء كانت تاريخيَّة أو جغرافيَّة أو أدبيَّة أو شرعيَّة، أو دعويَّة، وقامت الدَّار منذ أن تأسَّست منذ ما يربو على (16) عامًا على نشر كتب ومؤلَّفات الشَّيخ مُحَمَّد العبودي سواء منها ما يتعلَّق بالرحلات أو المعاجم اللُّغويَّة أو معاجم الأُسَر، ونشرت -الحمد لله- الكثير من هذه الكتب الَّتي أصبحت تحمل تراث الشَّيخ مُحَمَّد العبودي وعِلمه، إضافة إلى أن الدَّار خصِّصت ركنًا خاصًّا بتراث الشَّيخ الَّذي قامت بطبعها الدَّار، أو الَّتي نشرتها الجهات والمؤسَّسات الأخرى، أو الَّتي قام الشَّيخ بطباعتها على نفقته الخاصَّة، وكل ذلك موجود في جناح دار الثُّلوثيَّة ومقرِّها الموجود في الرِّياض.
أما الجانب الرَّقمي لهذه الكتب فهو أيضًا متاح، ووُجد العديد من المواقع الَّتي عُنيت بكتب الشَّيخ، وهي متاحة للباحثين والمهتمِّين حسب رغبة الشَّيخ في حياته -رحمه الله- أن تتوفَّر هذه الكتب خصوصًا كتب الرِّحلات كي يناله الأجر والثَّواب فيها، ونحن نسعى دائمًا إلى نشر كتب الشَّيخ وتراثه العلمي، إضافة إلى أنَّه هناك العديد أيضًا من الكتب والمؤلفات الَّتي لم تُنشر، والَّتي نأمل -إن شاء الله تعالى- أن ييسِّر الله جل وعلا نشرها قريبًا.
المحاماة
* بدأتَ حياتك في المحاماة والاستشارات القانونيَّة، ثم فتحْ مكتب خاص للمحاماة، هل هناك نماذج من أدبائنا المعاصرين ممن جمع بين مهنة الأدب والمحاماة؟.
- لا شكَّ أنَّ العلاقة بين الأدب والمحاماة هي علاقة تكامليَّة، وهي علاقة توأمة، فالأدب سلوة للمحامي، وحديقة غنَّاء يتمتَّع بها كل من ذاق حلاوة الأدب ومتعته والقراءة فيه، سواء كان شعرًا أو نثرًا، وهناك العديد من الأسماء المهتمِّين من الأدباء ومن المثقَّفين الذين كان لهم إسهام ثقافي أو أدبي، ثمَّ تحوَّل.. أو كان لهم جناح آخر، وهو الجناح الأدبي والثَّقافي، ولا شك أنَّ الأسماء سواء كانت عربيَّة أو سعوديَّة موجودة، لكن اهتمامي هو اهتمام أصيل وقديم منذ أن كنت شابًا صغيرًا في المرحلة المتوسطة، ولديَّ اهتمام بالقراءة والكتاب، ونما هذا التطور، وزاد -ولله الحمد- حتى ارتبطتُ بالكتاب محبَّة وقراءة ومدارسة، ثم نشرًا وتوزيعًا، ثمَّ عملًا على المحافظة عليه من خلال الجمعيَّة الَّتي قمنا بتأسيسها مع عدد من الإخوة، والَّتي هي جمعيَّة العناية بالمكتبات الخاصَّة.
هذا الأمر -لا شك- أن من عاش في كنف الأدب وحديقته الغناء سوف يجد الأنس والمتعة المتناهية في القراءة فيها والتنقُّل بين حقوله ومضامينه المفيدة والغنيَّة بالجوانب الثَّقافيَّة، سواء كانت منها متعلِّقة بالشعر أو النَّثر، أو القصة والرِّواية، أو الجوانب التَّاريخيَّة الأخرى.
عالم الكتب
* يعلم الجميع حرص الثلوثيَّة على متابعة المستجدات في عالم الكتب، وعلاقتكم الشَّخصيَّة مع عدد من العلماء في المملكَة العربيَّة السُّعوديَّة وأعداد كبرى من المثقَّفين والأدباء، هل هناك حسابات لكم مماثلة في وسائل التَّواصل الأخرى أو ما يعرف بالسوشال ميديا؟.
- الحقيقة إنَّ العلاقة مع العلماء والأدباء وكبار المثقَّفين هي علاقة تعود على الشَّخص أولًا بالنَّفع والفائدة، وتقدِّم له العديد من الرَّسائل العلميَّة والإفادات الَّتي لا تتوقَّف، ومن هنا ارتبطت أنا شخصيًّا منذ شبابي الأوَّل وطفولتي بالعديد من الشَّخصيَّات الَّتي قرأتُ لها وأحببتها وتعلَّقت بما تكتبه هذه الشَّخصيَّات، ومن هنا فإنَّ المرء لا بد له من علاقة تلمذة بينه وبين هذه الشَّخصيَّات الَّتي تتناوب على فروع الأدب وأجنحته والثَّقافة وشرايينها، وسواء كان ذلك من الأدباء الشُّعراء، أو الأدباء الذين يكتبون في جوانب أخرى مختلفة، فإن الإنسان يشرف دائمًا بمتابعة هؤلاء، ومتابعة القراءة لهم، بل والتَّواصل معهم والإفادة منهم في مجالسهم، وهذا ما أحرص عليه دائمًا -ولله الحمد- أن يكون هناك تواصل دائم مع هؤلاء الأَعلام، خصوصًا وأنَّ بلادنا المملكَة العربيَّة السُّعوديَّة -ولله الحمد- وبدعم وتشجيع من قيادتنا الرَّشيدة أصبحت هي قلعة ومعقل كبير من معاقل العلم العربي، وقبلة للمثقَّفين والأدباء، إضافة إلى احتضانها الكثير من الأسماء الكبرى في عالم الثَّقافة والأدب.
التطلعات
* ما تطلعاتكم للجمعيَّة الجديدة الَّتي تأسَّست وهي جمعيَّة العناية بالمكتبات الخاصَّة؟
- الحقيقة، كانت المكتبات الخاصَّة من الهموم المؤرِّقة لي شخصيًّا، وللعديد من الشَّخصيَّات الَّذين لديهم مكتبات وأنا واحد منهم كيف نفكِّر ونخطط للمحافظة على مكتباتنا الخاصَّة الَّتي قمنا وتعلَّقنا بها سنوات طويلة، وأنفقنا عليها وارتبطنا بها، وفيها من الذكريات الَّتي لا تتوقف للمرء منذ مراحل دراسته وتعليمه، إضافة إلى ما يتلقاه شخصيًا من إهداءات وما يقتنيه ويشتريه من معارض الكتب أو المكتبات.
ومن هنا تبلورت الفكرة لديّ بأن نسعى إلى تأسيس جمعيَّة تُعنى بهذا الجانب، وهذه الجمعيَّة -ولله الحمد- كان لها قبول كبير وترحاب غير منقطع من قبل المهتمِّين بالكتب والمكتبات، وتلقَّيت عشرات بل مئات الاتصالات من العديد من الإخوة داخل المملكة، بل ومن خارجها يباركون ويهنِّئون هذا العمل الثَّقافي.
نحن في المملكَة العربيَّة السُّعوديَّة -ولله الحمد- لدينا اهتمام كبير بالكتاب، ومعارض الكتاب لدينا قديمة ولا تتوقَّف، وتتوزَّع على خارطة المملكَة العربيَّة السُّعوديَّة الكبرى، ونحتاج دومًا إلى محافظة على هذه الكيانات الثَّقافيَّة الخاصَّة الَّتي بناها أصحابها لبِنةً لنبة، كتابًا كتابًا، ويتعيَّن على الورثة وعلى أبنائهم أن يحافظوا على هذا الإرث الكبير، وأن يعتنوا به، سواء كان بقاءه في بيوتهم أو تقديمه للعديد من الجهات الَّتي يمكن أن تسهم في الحفاظ على هذا الكنز الَّذي ورثوه، وهو من أغلى الكنوز، وهو الكنز العلمي الَّذي دائمًا نقول: إنَّه أحد الكنوز الكبرى الَّتي يخلِّفها العلماء والمثقَّفون.
الجمعيَّة لا شكَّ أنَّ مقرَّها مدينة الرِّياض، وتسعى إلى العناية بالمكتبات الخاصَّة في مدينة الرِّياض ابتداءً، ثمَّ تحاول أن تنضمّ إليها مناطق المملكَة العربيَّة السُّعوديَّة الكبرى الَّتي أيضًا لا يقلُّ فيها اهتمامًا عن المكتبات الخاصَّة.
نأمل -إن شاء الله تعالى- أن يكون لهذه الجمعيَّة الدَّور البارز في القيام بمهمَّتها المناطة، سواء كان من المحافظة على هذه المكتبات وقرارها واستقرارها في بيوتات المثقَّفين، أو من خلال العناية والاهتمام بها من الإهداء إلى هذه الجمعيَّة وتقديمها للمهتمِّين بها، والمهتمِّين بالكتاب من خلال النشر والتوزيع، كذلك على هؤلاء الذين يحبُّون الكتاب، ويقتنونه.
بهذه المناسبة أوجِّه نداءً لمن يقرأ هذا اللِّقاء أن يتوجَّه إليَّ شخصيًّا وإلى الجمعيَّة بتزويدنا بكلِّ المقترحات والآراء اللَّازمة الَّتي يمكن أن تفيد وتُثري هذه الجمعيَّة الَّتي تقوم أساسًا وابتداءً على آراء ومقترحات الإخوة والأخوات.
أهيب مرة أخرى بأنَّنا نتلقَّى دومًا المقترحات المفيدة والآراء الجيِّدة المفيدة الَّتي تصبُّ في مصلحة الجميع.
** **
@ali_s_alq