النجاح صبر متراكم، فقد مضى أكثر من عقدين على مبادرة أخي الأكبر د. محمد المشوح (الثلوثية)، استضاف فيها عددًا من الشخصيات الثقافية المغمورة والمشهورة، لا لشيء سوى لشعوره بواجب الوفاء لمن قدّموا لوطنهم بأن يقدّمهم للمجتمع.
سلوك الثلوثية (الكلاسيكي) الذي يبدأ ببركة التلاوة المرتلة، ثم كلمة ترحيبية من مقدم الثلوثية الدكتور سعد النفيسة، ويليه قصة الدعوة وسبب الاستحقاق من المضيف، قبل أن يمسك المحتفى به مايكرفون اللقاء ويغرد بقطاف من حياته ثم يفتح المجال للحضور للمداخلة والأسئلة، هذا السلوك البسيط المهيب بالنمط الثقافي الذي سنّه الأدباء الأوائل وسارت عليه الثلوثية، هي رسالة الحب والتقدير للضيوف، وبيان فضلهم وما يستحقونه. قامت (الثلوثية) بفرض الكفاية، وما لا يُدرك جله لا يُترك كله، فكان لهذه الثلوثية وقع كبير على قلوب من حولها، بدءًا من محيط العائلة الصغير مع إخواني وأخواتي والأحفاد، فكانت قصص النجاح والسير تستعرض على مسامعنا من قبل أخي الأكبر أبا عبدالله قبل أن تعرض من الضيف، يستعرضها أخي محمد عاقدًا العزم على دعوتها، فنتشوق لحضورها قبل غيرنا وتطرب لها آذاننا قبل أن نراهم بأعيننا، كما أن هذه السير كانت محل احتفاء من أهل (حي الغدير) الذين اتسعت لها قلوبهم، فاستهوت جماعة المسجد وغدت حديث المغرب، قبل مجيء العشاء توطئة للاستماع والاستمتاع.
كان الدافع لكل هذا الاستمرار في هذا الصالون الأدبي هو محبة المثقف للمثقفين ومحبة القارئ لأهل الكتاب ومن الحب ما استمر، فلم تكن الثلوثية (موضة) عابرة ولكنها شغف وجزء من حياة مؤسسها ستظل باقية ما دام يستطيع وطالما كان يقول بفأله الحسن (هذا الوطن ولود ومن يستحق أكثر مما نظن ونعرف). بارك الله الثلوثية وأدام خيرها ونورها.
** **
- فيصل المشوح