د.محمد بن عبد العزيز الفيصل
عرفت د.محمد بن عبدالله المشوح، عبر الفعالية الثقافية الناجحة التي يقيمها في دارته بحي الغدير مساء يوم الثلاثاء قبل أكثر من عقدين، وكنت أحرص على متابعتها -ولازلت-، وعبر حضوري المتكرر لهذه اللقاءات الفكرية التي كان أبو عبدالله، يدعو لها محبي الثقافة، لفت نظري احتفاؤه بالصغير قبل الكبير، وبمن يعرف ومن لا يعرف، وهذا خلق أهل العلم وطريقهم، فمن يقصد الثلوثية يشعر وكأنه يعرف مضيفها منذ سنين, وهذا هو ديدن أهل المروءة.
من يتابع نشاط أبي عبدالله، فسيستيقن أن احتفاءه بالعلم وأهله ينطلق من قناعات راسخة، ومن شعور مطلق بالمسؤولية الوطنية التي تفرض عليه أن يكون عنصرًا فاعلًا يشارك في صناعة الفعل الثقافي وتفعيله في وطننا الغالي، وهذا ما كان يعمل عليه منذ أكثر من عقدين من الزمن، فأصبحت الثلوثية مصدر نور وإشعاع فكري في زمن تراجعت الثقافة فيه أمام منافسيها، ولا أدل على ذلك من عزوف الجمهور عن القراءة والسعي إليها، مع أن الجهات الرسمية وعلى رأسها وزارة الثقافة لم تقصر في دعم الشؤون الثقافية ومساندتها وقد نجحت في ذلك، إلا أن المبادرات الشخصية في هذا الجانب تُمثل حجر الزاوية في بث الحياة الثقافية داخل المجتمع، وزيادة وعيه بأهمية تفعيل هذا العنصر الحيوي الذي يزيد وعيه الفكري، فكانت الثلوثية بطاقمها المخلص الذي يتسنّمه د.محمد المشوح خير رافدٍ للثقافة في مدينة الرياض.
من يعرف د.محمد، سيدرك ما أشرت إليه في مقالي من صفاء نية هذا الرجل، وإخلاصه فيما اتجه إليه، فهو رجلٌ نبيل، عالي الهمّة، يعلوه السمت، وتحيط به سمات الوقار، وهذا ما ينبغي أن يكون عليه من يعمل ليل نهار لخدمة العلم وأهله.. ولعل مبادرة «الثقافية» في تكريم د.محمد المشوح، وتخصيص هذا الملف عنه هو من باب الوفاء لهذا الرجل الذي بذل نفسه وماله من أجل خدمة الثقافة وإعلاء شأنها، وهذا هو ديدن الثقافية في تكريم رموز العلم والمعرفة بدعم وتمكين كبير من أستاذنا أ.خالد المالك، رجل الوفاء والثقافة الذي أسقى شجرة الجزيرة بكل فروعها حتى برزت ثمارها اليانعة.
ستطالعون أيها القراء الكرام في هذا العدد الثري ملفًا يضم حديثًا متنوعًا نابعًا من قلوب محبي أبي عبدالله الذي يستحق منا ومن كل مثقف الاحتفاء والتقدير.