د.سعد بن سعيد الرفاعي
مساحات من السرور وشلالات من الفرح تنتابك عندما يطل بعض أناس عليك بذكراهم ..بطيفهم ..بوجوههم الصانعة للبهجة، ومن هذه الشاكلة الدكتور محمد بن عبد الله المشوح، فما أن يخطر (أبو عبد الله) ببالك حتى يفتر ثغرك عن ابتسامة موشاة بالود الصادق والإعزاز، وما كان ذلك ليكن لولا فضل الله أولاً ثم تلك السجايا التي حباه الله بها؛ فقربته إلى النفوس، وفتحت له مغاليق القلوب، وأضاءت له محاريب القبول، فهو شخصية عصامية طموحة متعددة المواهب؛ ما أن تكتشف له ملكة حتى يفاجئك بأخرى جديدة، فهو الناشر الناجح عبر دار الثلوثية للنشر، وهو النبيل الذي فتح داره لتكريم الأدباء والمثقفين عبر ثلوثيته الشهيرة، وهو المحامي الضليع الذي تشرب اللوائح والقوانين ومارس المحاماة طالباً لإقامة العدل وحفظ الحقوق، وهو الكاتب الذي يشدك بقلمه السيال ولغته اللينة، والمشوح هو الرحالة المستكشف السائح في الأرض ورفيق الشيخ العبودي -رحمه الله- لأكثر من عقدين من الزمن، وهو المتحدث الذي يبهرك بفصاحة لسانه وسلامة لغته رغم عدم تخصصه في اللغة العربية؛ فقد شاهدته متحدثاً عبر منابر شتى لعل آخرها حديثه عن الوجيه عبد المقصود خوجة -رحمه الله- في معرض الرياض الدولي للكتاب.
والمشوح هو الرجل الكريم المضياف الذي ما أن يلقاك حتى يدعوك لضيافته بإصرار جميل، وهو الأنيس الذي تأنس بالجلوس معه والحديث إليه لتنوع حكاياته وخفة ظله ورشاقة روحه.
أسعدني بتلبية دعوتي له لزيارة ينبع، وكان شغوفاً للمعرفة والاستكشاف، قادرًا على مد جسور العلاقات مع أبناء ينبع وإثراء الحوار، وهو الرجل الحافظ للود، وقد فاجأني بعد عودته من ينبع إلى الرياض بأسبوع بدعوة كريمة منه لأكون ضيفاً على الثلوثية، وبقدر ما أسعدتني الدعوة، وأثلج صدري اكتشاف خلة جديدة في أبي عبد الله وهي خلة الوفاء وتقدير الطيب مهما صغر؛ فقد قبلت دعوته كمبدأ واعتذرت عن تلبيتها في حينها، لأنني أردتها في إطار الثلوثية الاحتفائي بالأدباء والمثقفين بعيدًا عن ارتهان اللحظة وعاطفة الموقف الآني، ولعلي أشرف بتلبيتها قادماً بإذن الله.
والمشوح هو القارئ النهم والمثقف والمؤلف الذي أصدر عددًا من الكتب، وأخيرًا فالمشوح هو الإنسان الباحث عن سبر أغوار الذات الإنسانية فلا غرابة أن يهتم حد التخصص بكتب السيرة الذاتية والرحلات؛ لما يسهم فيه هذان الميدانان من كشف لتمايز الشخصيات وتعدد الرؤى والاتجاهات، ألم أقل لكم قبلاً إنه ليس رجلاً فحسب بل رجل برجالات؟!