بداية العلاقة الطيبة
شرفت بمعرفة الدكتور محمد المشوح -حفظه الله- في عام (1420 هـ)، ولم يكن هناك سابق معرفة، وإنما بحثت عن رقم ذلك المحاور الرائع الذي كان يستضيف الشيخ الراحلة محمد بن ناصر العبودي -رحمه الله-، عبر أثير إذاعة القرآن الكريم في المملكة العربية السعودية في برنامج، ويستضيف آخرين من كبار العلماء والدعاة في برنامج آخر يتناول سيرهم وذكرياتهم.
كنت محتاجاً لهذه المادة التاريخية المهمة لكتابي «صناع التاريخ خلال ثلاثة قرون»، فاتصلت به من الكويت معرفا بنفسي وكتابي، ووعدني خيراً. وخلال أسابيع يسيرة، وإذا به يتصل بي من الكويت ومعه مجموعة كبيرة من الأشرطة التي تتضمن تلك اللقاءات، واستفدت منها كثيراً في كتابي، وذكرته كمصدر لها، وقد طبع الكتاب -بحمد الله- سبع طبعات وانتشر ورقياً ورقمياً.
لقاءات علمية مستمرة
توطدت العلاقة بيننا، فشرفت بزيارتي له في منزله في الرياض، وزيارته لي في منزلي في الكويت، ثم توطدت العلاقة أكثر في زياراته المتكررة في الكويت إبان مشاركة داره دار الثلوثية في معرض الكتاب الدولي في الكويت، فكان يحضر مجلسنا السنوي في دارة أخينا الشيخ الفاضل محمد بن ناصر العجمي، والذي كان يحتفي بضيوف المعرض وجماعة من محبي الأدب والثقافة، فكان الدكتور محمد بن عبدالله المشوح يتحفنا بأخبار الشيخ محمد العبودي لكونه ملاصقاً له، وبأخبار أهل العلم وحكاياتهم.
محمد المشوح ومشروع كتابي «لطائف من رحلات الشيخ محمد العبودي»
اتصلت مرة بأخي وحبيبي الدكتور محمد بن عبدالله المشوح، وذكرت له أنني أنهيت مئة كتاب من رحلات الشيخ محمد العبودي -رحمه الله- وانتقيت أبرز فوائدها -وكلها فوائد- لإخراجها في كتاب معجمي لتلك الفوائد، فأكبر ذلك مشكوراً، وأرسل لي متفضلاً إهداء مجموعة أخرى ليست عندي، بل تكرم بطبع الكتاب ونشره ضمن مطبوعات دار الثلوثية، وقد كتب الله لهذا الكتاب الانتشار، وأعدت طبعه بعد التصحيح والإضافة.
محمد المشوح وكرم علمي لا ينقطع
بدأت قبل حوالي عشر سنين معجمي الإلكتروني «أطلس اللهجات العربية»، والذي أقوم بجمع الكلمات العربية ومرادفاتها في اللهجات العربية سواء كانت تلك المرادفات عربية أو أعجمية، مع تحرير علمي موثق لكل الكلمات، وتذييل للطائف تاريخية وأدبية، وهو الآن في مراحله الأخيرة في وضع قاموس ناطق لتلك الكلمات من الناطقين بها.
اتصلت بالدكتور محمد المشوح لكونه ناشراً لتراث الشيخ محمد العبودي ومنها معاجمه في لهجة أهل القصيم، وذكرت له رغبتي في الحصول على نسخة رقمية خاصة بي من معاجم الشيخ للاعتماد عليها في «أطلس اللهجات العربية»، فوافق مشكوراً مع المخاطرة في نشر كتاب رقمي وهو ما زال يباع ورقياً، لكنني أكبرت فيه حبه لنشر العلم، وأكبرت فيه سرعة الرد، وأكبرت فيه ثقته بأخيه في عدم نشر كتاب خاص يضر نشره بالنسخة الورقية.
الثلوثية ذاكرة الجزيرة العربية التاريخية
تخصص دكتور محمد المشوح في العناية بتاريخ الجزيرة العربية وسير رجالها، خاصة في المملكة العربية السعودية، وقد وظّف لذلك منتداه الثقافي الشهير «ثلوثية المشوح»، والتي استضاف فيها أساطين العلم والسياسة والإدارة في المملكة العربية السعودية وخارجها أيضاً للكلام عن سيرهم الذاتية، واستفادة الأجيال، مع تكريم معبر يدل على نقاء المضيف ونبله مروءته ووفائه، وأظن أن شهرة هذه التظاهرة الثقافية يغني عن ذكره هنا.
وأكمل مسيرته في العناية بتراث الجزيرة العربية في نشر كل ما يخص تاريخها في «دار الثلوثية» منبر المثقفين ولسانهم الناطق، وهي دار رائعة التخصص، بهية المحتوى.
خاتمة وشكر
أخي العزيز أبا عبدالله دكتور محمد المشوح.. المقام هنا ضيق، ويعلم الله ما في القلب أضعاف ما سطره القلم، وما في قلوب المحبين ممن تعرفهم ومن لا تعرفهم أكثر مما أوردته هنا.
فشكر الله عملك وبارك في جهودك، وجعلك موفقاً أينما كنت.
وإني أثنّي بالشكر على هذه البادرة الطيبة لصحيفة «الجزيرة» في عنايتها بالمثقفين والمفكرين وكل من قدم إنجازًا للوطن، وهذا يدل على كرمهم وحسن أخلاقهم، والحمد لله رب العالمين.
** **
عبدالعزيز سعود العويد - دولة الكويت