خالد بن حمد المالك
الإعلام المتفوق، الذكي، المؤثر، والناجح، هو من يُطلق عليه القوة الناعمة، ومن يقال عنه إنه سلاحٌ في الحرب والسلم معاً، إنه الإعلام الذي تكثر المحاضرات عنه، ولا تغيب الندوات وورش العمل عن طرق بابه، والعمل على ما يحسِّن صورته وكفاءته، هذا الإعلام بهذه المواصفات أين هو على مستوى العالم العربي، - المملكة ليست استثناءً- حين يكون هناك محاولات لتتبع مسيرته، وتشخيص حالته، ووضعه في مجهر السعي لمعرفة ما هو عليه، وما ينبغي أن يصل إليه.
* *
الإعلام يتميز بكوادره البشرية، ويُعتمد عليها بما يجعله في موقع التفوق والنجاح بين منافسيه، أو الفشل أمام المنافسين، والإعلاميون يشكِّل وجودهم مصدراً لهذا الإلهام من النجاح، وهم عادةً ما يكونون من بين الموهوبين، وذوي الخبرة، ومن يملكون الشغف في ممارسة العمل الإعلامي بكل وسائله من مرئي ومسموع ومقروء، دون أن يشعر المتلقي بالتشبع، أو الملل من إنتاجهم، أو الهروب إلى ما يغنيه في وسيلة أخرى، بحسب جودة المحتوى في صناعة إعلام جاذب.
* *
في المملكة بدأت الساحة الإعلامية منذ بعض الوقت وكأنها في حالة فقر في ظهور كفاءات إعلامية جديدة أكثر تفوقاً في ثقافتها ومواهبها الإعلامية، مقارنةً بما كان عليه الحال من قبل، فلا الجامعات بأقسامها الإعلامية، ولا المؤسسات الصحفية بتاريخها، ولا بقية وسائل ومؤسسات الإعلام الأخرى في وضع من يعوّل عليها في ولادة كفاءات إعلامية جديدة تملأ الفراغ، وتواكب المرحلة التي تشع من المملكة إنجازات عظيمة يستوجب أن يتناغم الإعلام معها، ويستجيب لتأثيرها، ويعتمد على قوتها في السعي نحو إعلام يفرض نفسه كقوة في التأثير، وصنع النجاح.
* *
الأمر يحتاج إلى دراسة ومراجعة وتشخيص وصولاً إلى وضع التصور المناسب، مع كسب الوقت لما ينبغي أن يكون عليه إعلام المستقبل، وأظن أن في الجامعات كفاءات، وفي المؤسسات الإعلامية والصحفية كفاءات أخرى يمكن أن يُستعان بها لبلورة ما يمكن عمله قبل فوات الأوان، لأن ما هو مشاهد أن الإعلام الجديد يتطور، وفي المقابل فإن هذا التطور لا يواكبه تطور العناصر الإعلامية، ولا يتناغم معه ظهور المزيد من الإعلاميين الجدد، فيما يستمر غياب بعض المشاهير من الإعلاميين إما بالموت أو بالتقاعد، دون ظهور البديل الكفء لإحلاله محل هؤلاء لملء الفراغ الشاغر.
* *
وزير الإعلام الجديد معالي الأستاذ سلمان الدوسري -وهو الإعلامي المتمرس- أمامه مجموعة من الملفات الكثيرة والمهمة، التي تحتاج إلى معالجة سريعة، وهذا الملف واحد منها، وهناك -ضمن الملفات- ما تحتاج إليه الوزارة نفسها من تفعيل لدورها، ومعالجة لأوضاعها، وتحسين لمستوى أداء فيها، والنظر إلى المؤسسات الصحفية نظرة واقعية لمعالجة ما تئن به من أوضاع مالية صعبة يهدد مستقبلها، ومثلها هيئة الصحفيين، وتلك المنصات والمواقع والصحف الرقمية، وكلها في وضع من يجب أن يمسّها الإصلاح، والتحسين، وتعزيز النجاح، ومعالجة أي قصور أو ملاحظات عليها.
* *
لكن المطلوب من الإعلاميين، ومن وسائل الإعلام، إعطاء معالي الوزير الجديد فرصته بمنحه الوقت الكافي للعمل على تصحيح الأوضاع، مع التأكيد من جانبي على أن وضع الثقة الملكية في سلمان الدوسري يُعدُّ مدخلاً للاطمئنان على أننا مقدمون على مرحلة إعلامية جديدة تطوي صفحات الماضي وتبدأ عهداً جديداً ينطلق من روح شابة، يقودها سلمان الدوسري بفكره وثقافته وتجربته وطموحه، ملبياً ثقة ولاة الأمر، ومستجيباً لتطلعات أهل الإعلام ومتابعيه، ومستفيداً من تجارب من سبقه من زملائه وزراء الإعلام السابقين.