رمضان جريدي العنزي
الله يسعد من يشاء، ويشقي من يشاء، يعز من يشاء، ويذل من يشاء، يفعل ذلك بمشيئته وإرادته وتدبيره ورؤيته ومنعه وعطائه، له الشأن كله، والأمر كله، ومجريات الأحداث كلها، والتصرف المطلق، في الخلق والأمر والجزاء، وله جميع العالم العلوي والسفلي، كلهم عبيد ومماليك، ومضطرون إليه، فهو الرب الحق، والملك الحق، والإله الحق، قال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فلا أحد يحتقر الضعيف لضعفه، ولا الفقير لفقره، ولا المريض لمرضه، ولا الشقي لشقاوته، ولا المبتلى لبلائه، فالله يسقم من يشاء، ويفقر من يشاء، ويسعد من يشاء، ويرزق من يشاء بغير حساب، وهو في جميع الأحوال والشؤون عدل في قضائه وأفعاله، وماض في حكمه، لا يفعل بعبادة إلا كما يرى ويدبر ويأمر ويشاء، فمنهم من يسكن القصر المنيف، ومنهم من يسكن الخيمة المهترئة، منهم من يلبس أفخر الثياب، ومنهم من يلبس أرداها، منهم من يولد وفي فمه ملعقه من ذهب، ومنهم من يولد وليس عنده حليب يومه، منهم ينام على فراش مخملي، ومنهم من ينام على الحصير، منهم الذي لا يكابد في الحياة، ومنهم الذي يكابد ويشقى ويتعب أشد التعب، منهم من هو عصامي، ومنهم من هو عظامي، فليهدأ من تغلي قلوبهم بالنيران المشتعلة حقداً وحسداً، وليرتاح أصحاب الاستهجان والاستياء والسوداوية والشكوى والتذمر، فالله هو مقسم الأرزاق، وموزع الصحة والعافية، وميسر الأمور والأحوال كلها، فليحسن هؤلاء الثقة المطلقة بالله، وليرضوا تماماً بالقدر والمقسوم والعطاء والجزاء لأنها عنوان الحياة الهانئة الطيبة، وليعلموا بيقين تام بأن الدنيا زائلة وأن ملك الناس فيها الأطنان من الذهب والفضة والأحجار الكريمة والكنوز الثمينة، وليفهموا بأن أعظم الكنوز قاطبة هي الإيمان بالله وتوحيده والأقرار بعبودية وتدبيرة، اللهم إنا نتضرع إليك في لحظاتنا كلها وندعوك، ونسألك العفو والعافية، والتجاوز عن الخطايا والسيئات، وأن تغمرنا بسترك الذي لا ينكشف، وعفوك ورضوانك الذي هو أملنا وغايتنا، نحمدك الله أن مننت علينا كثيراً، ويسرت لنا الأمور كلها، ونشكرك على نعمك التي لا يحصيها غيرك.