علي حسن حسون
هل ستصدق إن قلت لك أن جميع ما يظهر في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية كالأفلام أو المسلسلات وغيرها من المنشورات المرئية أو السمعية لم تكن بمحض الصدفة وأن ظهورها ليس عبثاً بل مخطط له مسبقاً من قبل جماعة معينة يعملون -ليل نهار- من أجل السيطرة على صناعة الرأي العام لتحقيق أهداف اقتصادية؟ لنفترض جدلاً عزيزي القارئ أن الإجابة على السؤال هي (نعم).
إذاً هناك مؤامرة كبرى واضحة المعالم، وقس على ذلك لتجد أننا محاطون بمؤامرات عدة من حولنا واتخذنا من التشكيك طريقة للتفكير نحو أي حدث بأن ثمة مؤامرة حصلت هناك، على سبيل المثال نظريات المؤامرة حول مثلث برمودا الزائفة التي قادها كتاب عدة في منتصف القرن العشرين عندما نشروا مقالاتهم وأبحاثهم حول اختفاء السفن والطائرات في تلك المنطقة، ومع توالي السنين ظهرت نظريات المؤامرة لتفسر سبب الاختفاء، فالبعض من منظري المؤامرة قالوا: إن مدينة أطلانطس المفقودة هي المسؤولة عن حطام السفن بسبب طاقتها البلورية التي تتسبب في عطل ميكانيكي للسفن، «علماً بأن مدينة أطلانطس هي قارة افتراضية أسطورية ولا يوجد دليل قاطع على وجودها حتى الآن»، أما البعض الآخر قالوا السبب وراء الاختفاء هي الكائنات الفضائية، والقائمة تطول عن ذكر الباقي من النظريات إلا أنها غير حقيقية، وهي من نسج الخيال، ففي الوقت الحالي لا زالت الطائرات تحلق فوق مثلث برمودا كما يشير موقع «فلايت رادار 24»، وهناك دراسة حديثة قامت بدحض تلك النظريات.
يقول الكاتب (روب براذرتون) في كتابة «عقول متشككة» وهو يصف العقلية المؤامراتية أنها عدسة يمكن رؤية العالم من خلالها، وهي قادرة على تشويه كل شيء في مجال رؤيتها، حتى ولو كان مؤتمر أكاديمي بسيط يمكن أن يصبح جزءًا من المؤامرة.
إن التفكير بطريقة التشكيك والارتكاز على نظرية المؤامرة يعتمد على التحيز التأكيدي في البحث عن أدلة تثبت صحة ما نتوقعه لتفسير حدث ما ولا نهتم بالأدلة الأخرى المحتملة لذات الحدث بمعنى آخر أننا نبحث عن الشيء الذي نتوقع العثور عليه وللتغلب على هذا التحيز علينا إتباع إستراتيجية «التفكير في وجهة النظر المضادة» التي أطلقها (تشارلز لورد وزملائه) بعد دراسة أجراها فكانت النتائج رائعة.
أخيرًا أقول: ليس بالإمكان نفي أو إثبات نظرية المؤامرة ولكن من غير المنطقي أن يؤثر ذلك على تفكيرنا وتحليلنا اتجاه جميع الأحداث من حولنا ولا تكون المؤامرة هي الشماعة للفشل.