إيمان حمود الشمري
11 مارس 2023 الذي صادف يوم السبت كان عددًا زوجياً وقتها بشكل استثنائي لأنه جمع بين مناسبتين، (يوم العلم) و(كأس المؤسس) وكأن التواريخ اتفقت على الاحتفاء بالوطن في هذا اليوم. مشهد أعاد لأذهاننا صورة الملك عبدالعزيز ونحن نراقب عن كثب السباقات التي بدأت واختتمت بمسيرة للعلم السعودي، لوهلة شعرنا أن الملك عبدالعزيز هو من يقود المسيرة بنفسه ويحمل السارية مع جيشه على خيول تضرب الأرض بحوافرها لتدخل الرياض في يوم تاريخي.
على وقع أنغام أغنية (بلادي بلادي منار الهدى) تقدمت المسيرة، كان اسم الملك عبدالعزيز حاضراً بقوة بين كأس يحمل اسمه ومسيرة أعلام تذكرنا بيوم أقر فيه شكل العلم السعودي الذي نراه حالياً، راية خضراء رفرفت وشهدت على حملات التوحيد، تذكرنا بفارس كان سبباً في تأسيس وتوحيد وطن تعاقب الأجيال على حكمه، رجال من سلالته صدقوا ما عاهدوا عليه، اتفقوا على حبه وصونه والنهوض به حتى وصل وأصبح محطاً للأنظار، ولو قُدّر للملك عبدالعزيز أن يعود لرأى ما آلت إليه المملكة من النهضة العمرانية والتطور الذي لم يمحُ آثاراً بقيت تذكرنا بعصر استمات فيه الرجال وقاتلوا حتى حظوا بشرف الأرض وتوحيدها وطرد كل الطامعين من عليها، لازالت أسوار الدرعية وغيرها شاهدة على ذلك العصر، تفتح أبوابها للزوار ليروا المجد كيف يبدأ!!
11 مارس هذا التاريخ الذي لعب دور البطولة، شمل أيضاً عدد أشواط سباق كأس المؤسس لجياد الإنتاج المحلي، التي تألفت من 11 شوطاً في نسخته الـ25 بميدان الملك عبدالعزيز للفروسية بالجنادرية، في أمسية حملت لقب (تاج البطولات) واختتمت بشوطي البطولة الرئيسيين اللذين حظي بهما، الجواد (عسفان الخالدية) لأبناء الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز بالكأس الأولى عن فئة الخيل العربية الأصيلة، والجواد (مدباس) لأبناء محمد بن هادي بن خيوط بالكأس الثانية المصنفة ضمن الفئة الأولى محلي، تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز - أمير الرياض الذي توج الفائزين.
أجواء حماسية وصيحات من المدرجات تشجع الخيل على طي المسافة لنيل شرف الكأس، مدرجات تحمل جميع الأعمار التي تشاهد وتشجع رياضة تؤصل جزءًا من تاريخنا وتراثنا، وتزرع في أبناء الجيل الجديد حب الخيل والفروسية، إذ كانت ولا زالت تحظى باهتمام بالغ بدأ من الملك المؤسس الذي خصص لها آباراً وأراضي فسيحة لرعايتها، واليوم يحذو نادي الفروسية للخيل بالخطوات نفسها تحت رعاية وإشراف الأمير بندر بن خالد الفيصل رئيس مجلس إدارة الهيئة العليا للفروسية ومجلس إدارة نادي سباقات الخيل، بدعم واهتمام ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله.
نقلة نوعية يشهدها دور الخيل، من خيول تنافس على نيل الأرض إلى رياضة نبلاء تتنافس على نيل الكأس، تتغير الأهداف ولا تختلف، وتبقى سمة التنافس للوصول هي ما يميز الخيول، تعانق المجد وتكتب التاريخ وتنقل تَطوُر كتابة الأحداث من الدم إلى الحبر إلى حروف التكنولوجيا.