العقيد م. محمد بن فراج الشهري
بدأت إيران تحاول بناء علاقات جديدة مع الدول المهمة في المنطقة، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية التي بلا شك تعلم إيران علماً يقيناً الدور الذي تضطلع به السعودية على المستوى الإقليمي، والعالمي، والأهمية التي تتقلدها السعودية على الصعيد العالمي، نتج عن هذا التحرك والتوجه الاتفاق الأخير بين إيران والمملكة بواسطة (الصين)، وهذا يعني أنه لا وجود لقطيعة دائمة بين الدول، ولا توجد عداوة للأبد، ولا صداقة دائمة بين الدول، علاقات الدول تمر بتقلبات وتتأثر بالظروف والأحداث، وتظل دائماً الحكمة والحوار هما الأكثر أهمية ورجاحة من أجل تحقيق السلام والاستقرار، ونحن وإيران بيننا مشتركات فرضتها الجغرافيا، وفرضها التاريخ، ومهما يكن من أمور ورغم الاختلافات السياسية والعرقية، والمذهبية، فإن العلاقات بين البلدين لابد وأن تحتكم إلى صيرورة هذه المشتركات، وهذا ما عبر عنه سمو ولي العهد بكل وضوح وجلاء حيث قال «إيران جارتنا للأبد، ولن نتمكن من التخلص من بعضنا البعض، ويجب حل الأمور بيننا» وهذا السياق سبق أن أكده سمو الأمير سعود الفيصل - رحمه الله - «إيران دولة مسلمة، وجارة، وعلينا أن نتعامل معها على هذا الأساس، وتاريخياً نذكر أن الملك عبدالعزيز دعا إيران كدولة جارة ومسلمة لمؤتمر مكة الشهير عام 1344هـ، وبدأت بعد ذلك العلاقات الرسمية.. ونذكر أن الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وهو يختار حمزة غوث كأول سفير في إيران عام 1947م بعد انقطاع العلاقات لفترة قال: «الآن من مصلحة الجميع أن تعود العلاقات بيننا وبينهم.. وهذا ما نشهده اليوم بعد الاتفاق الذي رعته حكومة الصين، وهو اختبار حقيقي لنوايا إيران وصدقها، حيث لم يعد هنالك مجال للتسويف والانحراف عن المسار الذي تم الاتفاق عليه وهو لصالح إيران والمملكة، وأيضاً لكافة شعوب المنطقة والمملكة بنت سياستها على الالتزام التام بكل المعاهدات، والمواثيق منذ ثلاثة قرون وحتى اليوم ومع كل ملوكها وحكامها. لذلك نريد من إيران أن تلتزم بكل ما تعهدت به وتعلم يقيناً أن استمرار الخلافات والمشاكل مع الدول لن يزيدها إلا تفككا وابتعادا عن مجتمع السلم والأمن العالمي، ولن تحقق شيئاً لها ولا لشعبها وتقاربها مع السعودية يسهم في تحقيق الأمن والسلام، وقد انعكس ذلك في تلك الأصداء الواسعة عربياً وقارياً ودوليا بعد صدور البيان الثلاثي، والذي أثبتت فيه الصين أنها شريك يمكن الوثوق به بخلافولئك الذين أزعجونا بشعارات (الحلفاء) والشراكات، وهم في عكس الاتجاه.. نأمل أن يكون في هذا الاتفاق الخير للجميع والله الهادي إلى سواء السبيل.