كما جرت عليه العادة، أنزل للتسوق ومشتريات المقاضي الشهرية ومستلزمات المنزل من المواد الغذائية وغيرها، وكذلك. مقاضي شهر الخير رمضان المبارك، كانت الساعة تشير إلى الحادية والربع مساءً وأنا أهم بالدخول لأحد الهايبر ماركت المعروفة..
كان بصحبتي زوجتي وابني، ونحن نتسوق ونتبضع ونتقاسم الآراء حول ما نحتاجه، ومالا نحتاجه، وكان الهايبر في ساعتها يشارف على الإغلاق..
أخذنا في ملء سلة العربة من كافة الاحتياجات مابين المواد الغذائية، والمستلزمات المنزلية، وعربة التسوق كادت أن تقول كفى لا أتحمل المزيد، أي أن العربة امتلأت، ووقت التسوق المسموح به قد شارف على النهاية..
والوقت يداهمنا والساعة تشير للثانية عشرة والربع منتصف الليل، والإنذار الأخير بإغلاق كافة الكاونترات، وعلى كافة الزبائن والعملاء التوجه إلى كاونتر الكاشير لدفع الحساب..
هممنا بالانتهاء من المشتريات، ونسارع الوقت للوصول لكاونتر المحاسبة، وكذلك عمال الهايبر أغلقوا إنارة الهايبر في عدد من الأقسام، ليجبروا الزبائن على التوجه للمحاسبة..
فعلاً وصلنا لكاونتر الكاشير، وكان أمامنا فقط 4 عربات تسوق وعملاء يدفعون الحساب، ويتناولون أشياءهم، ويتوجهون للبوابة، علماً بأن عامل الأمن السيكيورتي يسمح بالخروج فقط، ولا يسمح لأي زبون الدخول للهايبر..
حان دوري لوضع الأغراض على كاونتر الكاشير، وأخذ الكاشير في الحساب، والحسابة بتحسب، وأخذ العامل الآخر في وضع الأغراض في أكياس وفي عربة أخرى للخروج من الهايبر..
الصدمة هي أن موظف الكاشير انتهى من إدخال كافة المقاضي وطبع الفاتورة، و قال لي حسابك 920 ريالاً، هممت بأخذ بطاقتي البنكية لدفع الحساب على الشبكة، ليتسنى لي بدفع الفاتورة والخروج..
الصدمة هي أن الموظف أخذ البطاقة ومررها عبر الشبكة، وتم رفض العملية، أعاد عملية الدفع ثلاث مرات ويتم الرفض، وأنا واثق بأن حسابي مليئ بالخيرات، وأن العطل من الجهاز الشبكة لدى الكاشير..
أخذت بطاقة صراف أخرى لحساب فرعي من نفس الحساب البنكي، ومددت يدي بكل ثقة للموظف تفضل يا أخي أسحب من هذي عل البطاقة السابقة بها تلف أو شيء، ونفس المعاناة مرر البطاقة بثلاث عمليات مشابهة، ولم يتم قبولها، بل تم الرفض..
أُصبتُ بالصدمة، لا أحمل الكاش معي، وخطرت ببالي فكرة، بأن أدخل على تطبيق البنك وأرى ما هي المشكلة، وفعلاً كانت المشكلة بأن البنك حظر حسابي ويود التحديث الفوري للحساب، عبر الاتصال الهاتفي المجاني..
سألت زوجتي عن بطاقتها البنكية، فقالت للأسف لم أحضر جزداني معي، ولكن معي مبلغ 200 ريال كاش، ضحكت وقلت لا عليكِ، المبلغ الذي لديك لا يغطي احتياج دفع الفاتورة.. وشكراً لمبادرتك..
ماكان مني إلا أن أخبرت الموظف المحاسب، بأنني لا أستطيع الدفع وسوف أقوم بإرجاع العربة المحملة بالمقاضي وبكرة بعون الله أعود وأشتري أغراضي من جديد، وأدفع الحساب، ولوجود مشكلة بنكية عندي لا أعتقد حلها الآن، وسوف تستغرق مزيداً من الوقت، لحلها..
فعلاً صحبت زوجتي وابني وأنا أبادر بالخروج من الكاشير، إذا الموظف يناديني يا أخي لو سمحت، التفت عليه للخلف أمرني يا أخوي، قال لا عليك، خذ الأغراض والمقاضي كاملة، وأنا أقوم بدفعها من حسابي الشخصي وغداً تحضر وتدفع لي..
قلت بكل حزم، لا لا أرغب بأخذ الأغراض بلا دفع فاتورة حالاً، تحدث الموظف وأنا أقول لك لا عليك أنت ثقة إن شاء الله، والناس للناس والكل بالله، و حياك غداً أي وقت أدفع الحساب، فكرت بكلامه للحظة، وأصابتني الحيرة من مبادرته النبيلة والعظيمة والرائعة، والتي قل وندر أن نشاهدها أو نراها ولكن الخير موجود ولو قل أصحابه..
فعلاً قام الموظف بأخذ بطاقته البنكية الشخصية، وبلا تردد دفع الحساب الفاتورة بينما أنا أتحدث معه ولم أعطه أي معلومة، زاد إعجابي أكثر في نبل أخلاقه، ومبادرته، وأشعرني بكم حاجتنا لمثل هذه الأفعال والسلوكيات بأن تتكاثر وتتعاظم في مثل هذه الأوقات التي يعتقد البعض منا وأنا واحد من الناس بأنها تلاشت وقد يأتي يوم وتغيب أفعال الخير والثقة معاً في الناس الذين لا نعرفهم، ونلتقيهم للوهلة الأولى بدون سابق معرفة..
بادرت الموظف بمنحه اسمي الرباعي، ورقم هاتفي، وأخذت رقم هاتفه الشخصي، وأخبرته أرسل لي آيبان حسابك البنكي، لأقوم بتحويل مبلغ الفاتورة على حسابك، وشكراً مليون على نبل أخلاقك وثقتك العظيمة، وعملك ومبادرتك الأكثر من رائعة، والتي أيقظت فيني تمسك أفعال وسلوك الخير في المجتمع..
أخذت كافة أشيائي وحملتها بالسيارة، وتوجهت لأحد المطاعم وبينما أنتظر انتهاء الطلب، تحدثت مع موظف البنك، وأخذت في تحديث حسابي البنكي هاتفياً وعلى التطبيق، وفعلاً في أقل من عشر دقائق تم التحديث، وأصبح حسابي جاهزاً وفعالاً ونشطاً.. عدت للمحل مرة أخرى لأنه على طريقي للمنزل، وللأسف الشديد وجدت المكان مغلقاً، وأخذت لفة على الهايبر من جميع البوابات، وللأسف وجدته مغلقاً وكنت أنوي دفع حسابي في اللحظة لأعود بأغراضي المنزلية للمنزل وأنا مطمئن أكثر..
أنا كنت هكذا أعمل مع الكثير من البشر، وفي تعاملاتي وعلاقاتي الشخصية والاجتماعية، فما وجدت أجمل من صُنع المبادرات الخيرية، ودفعها للمجتمع لإيقاظ صحوة حُب وفعل الخير مع الناس، ولأنها تبقى مواقف جليلة وعظيمة، ولو نسيها البشر، رب البشر لا ينساها، ويثيب فاعلها ويأجره بجزيل الأجر المضاعف..
هل بادرت بعمل خير في شهر الخير ولأجل الأجر المضاعف والثواب الجزيل، إذا لم تبادر فأمامك الأبواب مفتوحة ومتسعة فلا تحرم نفسك الأجر، من مساعدة أو مبادرة أو خير تقدمه لوجه الله، تبتغي وجه الله الخالص، فيكرمك بما لا تعلم، ويلطف يوماً ما في كُربة أو شدة تبتغيها من الله.