قد يولد الإنسان وفي فمه ملعقة من ذهب، الرجل العصامي هو الذي وجد نفسه في أسرة غنية، وبيئة تناسبه وتساعده على الوصول إلى مكانة مرموقة في المجتمع، ولا يتعب كثيراً في اكتساب المال والشهرة وما إلى ذلك. والرجل العصامي هو ذلك الإنسان الموهوب الذي يكافح في سبيل حياته ويجاهد ليلاً ونهاراً ليحقق مركزاً متقدماً في طلب العلم أو تنمية المال أو اكتساب النفوذ والسلطان.
الرجل العصامي الذي ولد في بيئة لا تناسبه ولا يملك تراثاً من الأجداد يسعفه ليقال عنه هذا «فلان» ابن «فلان» وكان جده «فلان»، فهو يمهد السبيل ثم يستنير التاريخ بروائع سيرته ويحقق من الأمنيات التي لا يحلم بها إلا المتميزون.
الرجل العصامي هو الشخص الذي يعتمد على نفسه في تدبير شؤون حياته، ويحقق النجاح ويصل إلى مكانه عالية في المجتمع، نجد في قصص حياته سلسلة من الكفاح والجهود المتواصلة، ليلاً ونهاراً، الرجل العصامي هو الذي بنى نفسه بنفسه بدون أن يعتمد على نسبه أو على أي شيء آخر سوى ذكائه وقدراته الذاتية.
يمتلك الرجل العصامي زاوية رؤية تختلف عن الشخص التقليدي، فهو ينظر إلى موقعه غداً أكثر من مكانه اليوم، ولا يهتم كثيراً بأسئلة الحاضر التي تناقش مشاكل اليوم إلا في إطار الوصول للغد، وكل هذا لأن عينيه تمتدان بحركتهما التلقائية إلى «الهدف» الذي يسير إليه بثبات، فهو يملك هدفاً يسير إليه ويراهن على «فكرة» تحمل كثيراً من التغيير، فهو رجل يطوع الظروف لهدفه ولا يجعل الظروف هي من تحدد طبيعة أهدافه.
الرجل العصامي له رؤية ثاقبة وجهود حثيثة يبذلها، فيذهل عن نفسه وأهله، ويهجر راحته ولذّته، وتتلخّص الحياة عنده في حلِّ هذه الأزمة، وفضِّ هذه المشكلة، فلا يقر له قرار، ولا يهدأ له بال حتى تنجلي هذه الغمة، ويرى نفسه مكلفاً بذلك، فقد خلق لذلك، العصامي فهو الذي يسود بنفسه، وعكسه العظامي الذي يتكل على نسبه ويتعاظم بآبائه وأجداده.إن روح المغامرة متعمقة وثابتة في الرجل العصامي تجعله يقدم على أمور، وبسبب تلك الروح الجريئة يختصر الأزمان ويحدد المكان، ويغامر وبالتالي يحدث التغيير على الأرض في صورة يبهر كل من كانوا حولهم ويبهر كذلك من أتوا وسيأتون في قادم الزمان. العصامي رجل لا يمل من سقي بذور «الطموح» في داخله، ولا يفتر عن مراعاة أشجار أمله حتى لو كانت صغيرة، فهو شخصية لا تتنازل عن طموحها مهما بلغ الثمن، ثم يبهر العالم بإنجازاته الرائعة. هذا هو الرجل العصامي الذي لم يصعد على أكتاف غيره بل، نهض لمجده بنفسه من الصفر حتى تحقق حلمه. هكذا الفضل يرجع إلى الرجل العصامي ولا الرجل العظامي. فكن عصامياً لا عظامياً.