سهوب بغدادي
«ترا إذا عصبت عصبت» هل سمعت هذه الجملة من قبل؟ بالتأكيد، وتقال عادةً للتهديد والوعيد، أو لخلق هالة للشخص من الهيبة إلا أن المقولة ليست إلا ادعاءات غير صحيحة، ولسان حال العصبي «النرفوز» أنني عداني العيب، فلقد أنذرتهم وحذرتهم مسبقًا، على أية حال، تقال هذه الجملة والشخص في حالة العصبية من الأساس، عندما يقترب من مرحلة التصعيد والاشتباك، لذا فإنها ليست ذات نفع تام، سوى في حال هرب الطرف المقابل للعصبي واختفاؤه من أمامه.
إن العصبية أنواع ولها «ستايلات» فمنهم من يعصب على أتفه الأسباب والأمور، وهنا تكون العصبية عادة وأسلوب حياة، مثل العصبي «مع نفسه» أي «فلان دائماً معصب» ولكنه لا يؤذي أحداً ولا يصب غضبه على الآخرين، وهناك نوع آخر من العصبية وهي المرتبطة ببذاءة اللسان فهنا يكون الإيذاء لفظيًا، سواء من شتم أولعن أو اتهامات وإسقاطات، وما إلى ذلك، قد يبدو هذا النوع بسيطًا أو معتادًا ويتغافل عنه العصبي ومن حوله، إلا أنه يترك آثارًا لا يمحوها بديع الاعتذار ولا الزمان، مثل الابن الذي اعتاد ركوب السيارة مع والده الذي يلعن أغلب من يعترضه على الطريق، والنوع الأدهى والأمر هو اقتران العصبية بالعنف الجسدي، أي التكسير والتخريب والشكل الأكثر سوءًا هو الاعتداء بالضرب والتعنيف، وهذا الفعل لن تمحوه بحور الندم والوعود، فمن كان مبتلى بهذا الداء أو كان على مقربة من شخص عصبي من هذا الصنف فعليه التوقف على الحالة ومعرفة خصائصها وتبعاتها، كأن تعرف الزوجة أن زوجها عصبي من النوع «بذئ الملافظ» فتحاول تهدئته أو عدم الخوض في المواضيع التي تثير أعصابه، أو أن يعرف الصديق أن صديقه من النوع الذي يشتبك بالأيدي فلا يدعه يقود السيارة وهو بصحبته مثالًا، وإن كان شخص أقرب كالزوج أو أحد الوالدين فعليه الانسحاب وعدم التبرير أو التفسير أو إثبات وجهة النظر وإن كنت على صواب.
الجدير بالذكر، أن الأشخاص العصبيين «غير المؤذين» ليسوا سيئين بالضرورة، ولقد لمست فيهم جوانب لطيفة، من أبرزها الصدق وعدم التلاعب، فلن يتمكن العصبي من كبح الكذبة أو إنكار شعوره نحو الأحداث أو الأشخاص، كذلك الطيبة والحس المرهف، الذي يصدمك عند اختبارك له، أيضًا الهدوء السريع والنقاء في التعبير عن الواقعة ومشاعرهم المتعلقة بها وذلك أرجى لتحسين مواطن الضعف، وهناك صفات أخرى أتركها لكم لاستذكارها، أعتقد أن أغلبنا عرف «ذاك الشايب العصبي» لكن قلبه أبيض, جميعنا في حالة تحسين مستمرة وتهذيب للذات، فمن لم يشكُ من العصبية فقد يشكو من ملمة أخرى، في الختام، الملافظ سعد.