محمد عبد الرزاق القشعمي
عرفت الدكتور محمد بن عبدالله المشوح مؤخراً، وإن كنت أسمع به وبصالونه الثقافي (الثلوثية) من قبل، ولكن عودة واستقرار العلامة معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي - رحمه الله - بالرياض قبل نحو عشر سنوات ومرافقته الدائمة له، وحضوره وإدارته للقاء الأسبوعي يوم الاثنين (بين صلاتي المغرب والعشاء) بمنزل الشيخ العبودي، ازدادت معرفتي به، وبدأت أحضر ملتقى أو صالون (الثلوثية) بمنزل الدكتور المشوح عندما يتسنى لي ذلك.
دعوته لزيارة مكتبة الملك فهد الوطنية والتسجيل معه ضمن برنامج (التاريخ الشفوي للمملكة) فرحب، وتم ذلك صباح يوم الأحد 1436/2/29هـ الموافق 2014/12/21م، وعلى مدى ساعتين ونصف روى ملخصاً لسيرته وأهم المحطات في حياته.. ذكر منها: الولادة والطفولة والتعليم ببريدة، ثم انتقاله إلى الرياض للالتحاق بكلية التربية، ثم الانتقال لكلية الشريعة، وبعد تخرجه عمل محامياً لأمانة منطقة الرياض، مما شجعه وفتح له الباب ليمتهن مهنة المحاماة والاستشارات الشرعية. ثم تحدث عن نظام المحاماة والمرافعات والقضاء وغيرها.
وتحدث عن بداية افتتاحه لملتقى (الثلوثية) الأسبوعي لاستضافة الشخصيات الفاعلة في المجتمع، ليحدثوا الحاضرين عن تجربتهم في الحياة، وأهم المحطات في حياتهم.
ثم تطرق إلى اهتمامه ومرافقته للعالم الشيخ محمد العبودي، وتقديمه لبرنامج في إذاعة القرآن الكريم بعنوان: (المسلمون في العالم مشاهد ورحلات) يستضيف فيه الشيخ ليروي للمستمعين ذكرياته ورحلاته بين دول العالم والذي استمر لسنوات عديدة، ولقي هذا البرنامج ردود فعل واستحسان عدد كبير من المستمعين في داخل المملكة وخارجها.
كما تطرق لبدايته بالكتابة الصحفية والتأليف.. وحياته الاجتماعية.
وقد فاجأني بحضوره ومشاركته في إثنينية عبدالمقصود خوجة - رحمه الله - بجدة عند دعوتي وتكريمي بها مساء يوم الأثنين 1436/2/9هـ الموافق 2004/12/1م، ولم يكتف بالحضور بل ألقى كلمة مطولة مكتوبة أثنى بها عليَّ وعلى نشاطي الثقافي. وهو الوحيد الذي تطرق بكلمته لوالدي - رحمه الله - إذ قال: «ومن ملامح حياة المحتفى به أنه يحمل ثقافة عالية فوالده الشيخ عبدالرزاق القشعمي كان أحد أئمة الصلوات في القصور الملكية، وأحد الملازمين للمفتي - آنذاك - الشيخ محمد بن إبراهيم».
وقد تكرم بدعوته لي وتكريمي بالثلوثية بتاريخ 1439/1/9هـ الموافق 2017/9/29م والاحتفاء بي، وتحدثت فيها عن أهم المحطات في حياتي.. وسعدت بحضور عدد كبير من المهتمين، من أكاديميين وأدباء وغيرهم.
نعود إلى ندوة أو ملتقى الشيخ العبودي - رحمه الله - إذ كنا نترقبها بشوق، وكان لحضور المشوح وإدارته لها، وتوجيه الأسئلة أو فتح باب التحدث عن بعض المواضيع المختلف عليها، أو رحلات الشيخ وذكرياته، يعود على الحضور بالفائدة العميمة، وإن صادف غياب المدير - المشوح - عن الحضور لأسباب قاهرة ونادرة فقد تضيع أو تتوه البوصلة لتعدد الأسئلة وتنوعها مما يفوت فرصة الاستمتاع بتسلسل الحديث.
وأذكر أن (الثلوثية) قد استضافت معالي الشيخ العبودي بمناسبة بلوغ كتبه المطبوعة مائتي كتاب، بحضور عدد من المهتمين والمسؤولين وعلى رأسهم معالي الدكتور عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام وقتها.
ولم يكتف الدكتور المشوح بنشاطه من خلال ملتقاه الثقافي فقط، بل افتتح مكتبة ودار نشر باسم (الثلوثية) ونشر للشيخ العبودي وغيره كثير من الكتب التاريخية والثقافية والمعنية بشكل خاص بالمملكة والتراجم والرحلات والأنساب وغيرها. وطلب مني قبل سنوات أن يكون لي نصيب في هذه الدار من خلال اختيار أحد كتبي القادمة. وهكذا كان فقد نشر لي هذا العام 1444هـ كتاب (المجالس الثقافية السعودية في المملكة وخارجها).
وما زال أبو عبدالله منشغلاً بالهم الثقافي بشؤونه وشجونه، فقد صدرت الموافقة الرسمية مؤخراً بالسماح بإنشاء جمعية وطنية تعنى بالمكتبات الخاصة بالمملكة، واختياره رئيساً لها، فنهنئه بذلك ونرجو له المزيد من التوفيق والنجاح.
كتبت هذه الكلمات بمناسبة دعوة القسم الثقافي بجريدة الجزيرة بتخصيص ملف عن الدكتور المشوح لذكره وشكره على ما يقوم به من عمل سيبقى على مر التاريخ، فالإنسان له عمر محدود، ولكن ما يكتبه ويقدمه من عمل ويترك أثره كالكتاب، سيبقى مرجعاً مهماً للمهتمين لسنوات طويلة، وسيكون إن شاء الله من الصدقة الجارية.