سلمان بن محمد العُمري
يقول أحد الإخوة في تغريدة جميلة: من خير ما يظفر به الإنسان في هذه الحياة، بعد مرضاة الله تعالى، وأداء الواجبات والبعد عن المحرمات جبر الخواطر وحسن الخلق؛ فاحرص ألا تؤذي نفساً ولا تكسر قلباً ولا تجرح روحاً ولا تطفئ بسمة. وإياك أن يكون رصيد حسناتك في الآخرة قليلاً، وأن تكون مديناً للناس بالمظالم.
انتهى كلام صاحبنا وما غرد به، وللحق فإنها وصايا جامعة تستحق التأمل والعمل، وأن تروى ولا تطوى ويؤكد عليها في كل مقام وفي كل حين؛ فما أجمل جبر الخواطر ومراعاة المشاعر وانتقاء الكلمات الجميلة والتلطف بالأقوال والأفعال، ولاسيما مع المكلومين والمصابين، ومع القريب والبعيد، وأن يكون هذا هو مبدأ لنا جميعاً، وأن نبادر بالإحسان حتى مع من أساء إلينا وأخطأ في حقنا، وليكن شعارنا دائماً التسامح ولين الجانب.
ولم تقف الأمر في الدعوة لجبر الخواطر عندما قاله سابقاً، بل أكد على ذلك بوصية أخرى فقال: جبر الخواطر سنة نبوية.. إذا رأيت أحدهم منطفئاً فحدثه كثيراً عن مزاياه.. حدثه عن جمال قلبه وروحه.. حدثه عن كل شيء جميل لديه.. ابتسم له ابتسامة حب وانثر عليه كلماتك الطيبة.. كرر ذلك واستمر حتى ترى منه الإضاءة والإشراق.. فإن جبر الخواطر عبادة فاجبروا الخواطر تؤجروا». وكسر الخواطر من الأمور السيئة، بل هي أشبه بالأخطاء الطبية لما لها من تأثير على نفسية المتلقي وقد يحتاج إلى وقت كبير لعلاج آثارها، وآثارها السلبية قد لا تقف عند حدود المظلوم بل تشمل الظالم فربما بالظلم يستطيع أي شخص أن يملك كل ما يريد، ولكن بدعوة مظلوم ومكسور سيفقد الظالم أعز ما يملك من ماله أو صحته أو أهله فلنحذر من كسر الخواطر ومن دعوات المظلومين والمكسورين، لذا فلنحب الناس ونتعامل معهم بمبدأ كف الأذى أولاً، والإحسان ثانياً وإن اجتمعا فقد تحقق الكمال، وأن نبتعد كل البعد عما يوغر الصدور ويكسر الخواطر.
إنني لست مع اليائسين والقانطين والمحاسبين الذين يدعون للتعامل مع الناس بالشدة أو القسوة أو بمبدأ عامل الناس ما يعاملونك به، وقد انتزعت من قلوبهم الرحمة أو تملكهم اليأس، بل إن بعضهم يرى التعامل الحسن مع الآخرين بالحسنى من أسباب الشقاء في هذه الدنيا، ولا يريد أن يكون المرء رقيق القلب متوهج الحس في عالم غلب على أهله جفاء القلوب وغلظ الأرواح، ويلوم هذا المتشائم أصحاب النفوس الزكية على أخلاقهم وحسن تعاملهم، ويقول إن هناك من يداري المشاعر ويراعي الخواطر، ويتهيب كسر القلوب كما يتهيب ضرب الرقاب، فيضاعف الهموم على نفسه، ويسلط الأحزان على قلبه، ويكون المتشائم ونسي البشارات لمكارم الأخلاق وأصحابها.
يقول الشاعر:
كَمْ بِاِسْمِ وَالحُزْنُ يَمْلَأُ قَلْبَهُ
وَالناسُ تُحْسَبُ أَنَّهُ مَسْرُورٌ
وَتَراهُ فِي جَبْرِ الخَواطِرِ ساعِيًا
وَفُؤادُهُ مُتَصَدِّعٌ مَكْسُورٌ