إيمان حمود الشمري
مرحلة جديدة تدخلها العلاقات السعودية الإيرانية بمبادرة كريمة من فخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ بعد سنوات من المحاولات المتعثرة. الصين الحليف الإستراتيجي للمملكة، لعبت دور الوسيط في وضع حجر الأساس لحل الأزمة السياسية بين المملكة وإيران، وبناء العلاقة من جديد، وإعطاء فرصة تاريخية لعودة العلاقات، وإنقاذ الموقف المحتم بين الطرفين بنقلهما من وضعية الحروب إلى المناورات لتحقيق المصالح المشتركة، وفق شروط وبنود تحفظ حق المملكة وتضمن التزام الطرف الآخر.
هدنة مهلتها شهران لإثبات صدق النوايا الإيرانية، نتمنى أن تكون تحولاً أصيلاً وليس مزيفاً، ولا نريد أن نشكك بمصداقية الموقف الإيراني ومدى التزامه، ولكن كون الكرة بملعبهم يشكل عليهم عبئاً كبيراً ومسؤولية سوف تتحمل إيران كامل تبعاتها في حال النقض وستخسر دولتين من أهم الدول المؤثرة سياسياً، إذ تعتبر المملكة المؤهل الأكبر للعب الدور القيادي بالشرق الأوسط، كما تعتبر الصين قوة اقتصادية عظمى تخشى إيران من خسارتها، فإيران بدون حسن جوار لا تستطيع أن تستمر.
بدأت جولات الحوار بجهود مشكورة من سلطة عمان والجمهورية العراقية بين عامي 2021 و2022 بسلسلة من الخطوات المترددة، اكتملت وانتهت بمباحثات ومفاوضات على الأراضي الصينية في العام الحالي 2023، لتسفر عن تطوير علاقات حسن الجوار بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية، واستئناف العلاقات الدبلوماسية، وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما.
وتأتي هذه الخطوة لخفض منسوب التوتر وإعطاء مجال أكبر للحل الدبلوماسي بعد ضمانات صينية بضرورة الالتزام لهذا الصلح الذي يسعى لإعطاء الجانب الإيراني فرصة لمحو الماضي وفتح صفحة جديدة من التعاون، ويؤكد على أن قبول السعودية للصلح يعبر عن موقف رزانة ونضج بالموقف السياسي.
وتبقى الروابط الصينية السعودية أكبر وأهم من علاقة تتعلق بالمنافع الاقتصادية، إذ كانت الزيارة الأخيرة لفخامة الرئيس الصيني للمملكة العربية السعودية والتي امتدت لثلاثة أيام، جرى خلالها استعراض علاقات الصداقة التاريخية بين البلدين، تؤكد على متانة الروابط التي تتجاوز التبادل التجاري.
منذ عودتي من الصين في نوفمبر الماضي وعيناي لازالت تراقبها عن كثب .. بلد استضافت 81 إعلامياً من مختلف الدول وجمعتنا تحت مظلتها لنراها عن قرب، واليوم تلعب دوراً يحسب لها كوسيط في حلحلة أزمة سياسية بين السعودية وإيران وعودة العلاقات الدبلوماسية، وكأنما قدّر لها أن تكون نقطة التقاء.