رمضان جريدي العنزي
في البدء أنا لست ضد نظام ساهر على الوجه المطلق، بل لديّ يقين تام بأنه أداة لتحقيق أمن وسلامة الأفراد والمركبات الطرق، بل يروض السائقين أصحاب الرعونة والتهور، ويهذب سلوكهم، ويجعلهم أكثر تقيداً بأنظمة المرور والسلامة والقيادة الصحيحة، وإن كان هناك بعض السلبيات الواضحة التي يطبقها النظام ويعمل بها، وكأن الهدف منه جيب المواطن ودخله وليس محاولة تثقيفه وتعليمه وتقويمه على الالتزام بقواعد وأنظمة المرور.
إن نظام ساهر جيء به ليقلل الحوادث ويحفظ الأرواح, وينظم السير بشكل إنسيابي وحضاري تام، لكن تطبيقه بشكل تعسفي أحياناً يجبر بعض السائقين وخاصة الشباب منهم بالتحايل وفق أشكال متنوعة ومتعددة، هرباً من الضبط والرصد والمخالفة التي تثقل كواهلهم بشكل تراكمي كبير، يضطرون عندها للاستدانة من الآخرين، أو أخذ القروض من البنوك لتسديد المخالفات، مما يزيد عليهم الطين بلة، ويضاعف من معاناتهم والتي تنعكس سلباً على حالاتهم النفسية، وربما يدخلون بعدها في دائرة الشر المتنوع نتيجة اليأس والقنوط وقلة الحيلة ومحدودية الدخل، لقد طبقت شرطة دبي في عام 2019 نظاماً ممتازاً، وذلك عبر إسقاط المخالفات المرورية عن السائقين الملتزمين، في مبادرة لتسوية المخالفات المرورية، تتيح لمن يلتزم 3 أشهر دون ارتكاب مخالفة مرورية تسقط عنه 25 % من مخالفاته، وفي حالة التزامه 6 أشهر تسقط عنه 50 % من مخالفاته، وفي حالة التزامه 9 أشهر تسقط عنه 75 % من مخالفاته، وفي حالة التزامه عاماً تسقط عنه جميع مخالفاته، ماذا لو عمل ساهر عندنا بهذا الشيء، وطبق هذه المبادرة التي أجزم بأنها ستسهم مساهمة فعالة في تحقيق الأهداف المنشودة التي من أجلها تم إنشاء وإيجاد نظام ساهر.
إن لديّ يقيناً تاماً أنه لو طبق هذا النظام سنجد السائقين المتهورين وأصحاب المخالفات أسرع من يلتزم بهذه المبادرة، وسنجد الحركة المرورية وكمية الحوادث قد تضاءلت وتلاشت بشكل كبير وبائن، وستنتهي كل الآثار السلبية التي أنتجتها مخالفات ساهر الكثيرة والمتنوعة كالسرعة وربط حزام الأمان واستعمال الجوال أثناء القيادة، إن نظام ساهر يجب أن يكون كما ذكرنا آنفاً تثقيفياً تعليمياً إرشادياً توعوياً هيناً ليناً، وليس نظاماً جافاً وقاسياً وصاحب عصا غليظ وسوط، أو أن يكون جابياً وجالباً وباحثاً عن العائد والمدخر المادي فقط، تصيداً وخفية.