عثمان بن حمد أباالخيل
لستُ متشائماً من واقع الحال هذا بعض الحال لمن ترجلوا عن كرسي الوظيفة. الكرسي للأسف في معظم الحالات يجعلك إنساناً مهماً ومحبوباً ومهيوباً ومخدوماً ومطاعاً في معظم الأوقات؟ كرسي الوظيفة» وبريق «المنصب» حياة يعشقها كثير من الموظفين الذين يجهلون أن لكل بداية نهاية، لتعود الأمور إلى نصابها. لن أقارن ما يحدث هنا مع هناك في الغرب والشرق لأن الأساس مختلف كلياً في قوانين العمل والتقاعد والتأمين والنظرة الاجتماعية والبيئة.
تقاعد عن يتقاعد، تقاعُدًا، فهو مُتقاعِد، والمفعول مُتقاعَدٌ عنه، التقاعد أيها المتقاعدون والمتقاعدات لا يعني أبداً أن يتوقف الإنسان عن العطاء وخدمة الوطن، التقاعد مرحلة جديدة من مراحل العمر، الوطن بحاجة لكم حيث كنتم في مناطق مملكتنا الحبيبية تكلموا في وسائل الإعلام المختلفة اكتبوا المقالات والكتب حاوروا المواطنين في الندوات والمحاضرات ولا تبخلوا بعطائكم يا أهل العلم والخبرة.
حين تنتهي مرحلة العمل الوظيفي ويترجل الإنسان من على كرسي الوظيفة هناك الكثير من المتقاعدين والمتقاعدات يكتشفون الوجوه المزيفة والألسن العسلية فترى الناس من حولك في وضعهم الطبيعي، لم تعد المشاعر الإنسانية تلعب دوراً في حياتنا الناس يتسابقون يهتفون ويتهافتون على من يمد لهم يد المساعدة أما سوى ذلك لا يكترثون أو يهتمون وحين تقع أعينهم على أعينهم يهربون. نسمع كثيراً عبارة (أنا متقاعد) لا أستطيع أن أخدمك في مكان عملي السابق، متأسف (لست على رأس العمل) لا أحد يقدم خدمة لزميل متقاعد إلا ما ندر. لماذا هذه العلاقة السلبية مع من هو على كرسي الوظيفة ومن كان على كرسي الوظيفة وربما نفس الكرسي «المصلحة الشخصية هي دائماً الصخرة التي تتحطم عليها أقوى المبادئ». توفيق الحكيم.
تلفت من حولك ومن حولكِ تجد أمثلة كثيرة من المتقاعدين والمتقاعدات الذين يعتبون على زملائهم في العمل، يعتبون على تلك الوجوه البشوشة، والأيدي المصافحة، والكلمات الرقيقة أين اختفت؟، هل هو سراب في صحراء نجد الحبيبية؟، أم خيال لم يعد له واقع مؤلم ومؤلم حتي النخاع؟.
أبداً لا أريد أن يترجل زميل العمل أو من له مصلحة شخصية ممن هم حولك، العلاقات الإنسانية لا تبنى على المصالح بل تبنى على الثقة والمحبة والتعاطف والقربى. سمعتُ أحدهم يقول لزميله: يا شيخ خله عنك حين صادف موظفاً ذا منصب كبير لكنه متقاعد. لماذا؟ أكيد انتهت المصلحة أو ربما كان هذا المرموق سلطوياً متكّبراً متعجرفاً.
قد لا يخلو بيت من وجود متقاعد أو متقاعدة ماذا لو نستشف دواخلهم وتسليط الضوء في داخلهم (في بيتنا متقاعد)، ونبني في دواخلهم جسور المحبة، ونسعى لتغيير نظرة المجتمع التي تنم في أحيانٍ كثيرة إلى نظرة غير واقعية. (إيّام اللولو شو هلَّلوا شو رشّوا ملبّس يا عيني)، هذا هو الحال في الماضي أم الآن (بَرَم الدولاب وغاب رجع ووقّف عا الباب).
مرحلة العمل الوظيفي ختامها مسك فلتكن كذلك أيها المتقاعدة وأيها المتقاعد، ولا تنظر ولا تنظري للحياة نظرة سوداوية تشاؤمية الحياة جميلة والأجمل حين تعيش في جو مفعم بالحب. الحب ليس كلمات جميلة نرددها... أو قصيدة شعر نعتني بنظم أبياتها... أو هدية غالية الثمن نعتني بتغليفها. الحب هو قمة المشاعر الإنسانية.
همسة: (جمال التقاعد ليس أقل من جمال الحب الحقيقي كلاهما يشعرانك بالراحة والأمل).