عبده الأسمري
تقتضي مسلمات المهنية هيمنة «الاحترافية» المشفوعة بالخبرة والمدفوعة بالمهارة والمسجوعة بالجدارة ليعلو صوتها ويمتد صداها لتعلن التباهي في متون الحضور والتماهي في شؤون التواجد.. ليكون ذلك «الفيصل» في ظل «التنافس» و»الفصل» تحت ظلال «التفوق».
بحكم تخصصي في كتابة السير الذاتية ومقالات البروفايل فإني في حالة من «البحث» المستديم لجلب المعلومات عن قامات «الوطن» من الأسماء التي أثرت التنمية وملأت أسماءها الأرجاء مد السمع والبصر وأتعجب أن عديداً منهم خارج حسابات «الاستضافات» الفضائية إضافة إلى أن بعض أسماء الجيل الذهبي يمتلكون من الكفاءة والموهبة ما يؤهلهم ليتولوا «أدوار» إستراتيجية في إدارة واعداد وتقديم تلك البرامج بمؤهلات وامكانيات قوامها «الخبرة» ومقامها «التكريم» حتى نستطيع أن نرى «مهنية» في الطرح واحترافية في «المحتوى» وحرفية في «الإنتاج».
ومن خلال استعانتي بحوارات فضائية سابقة لأتمم مهام عملي في رصد تفاصيل السير الذاتية توقفت كثيراً لعمل مقارنة عادلة بينها وبين ما أراه في الثلاث سنوات الأخيرة فوجدت فروقاُ جوهرية في شخصية المذيع وفي جودة «المضمون» وفي إجادة «النقاش» وفي إدارة «الحوار» ينتصر فيها «السابقون» على «الحاليين» انتصارا واضحا مدعما بالدلائل والبراهين وتيقنت أن الأسباب تختصر في عنوان واحد تضمن الاستعانة بالكفاءات من أهل الدراية والاختصاص والاحتراف.
في كل اتجاهات الأعمال الفضائية سواء كانت في مجال «الدراما» أو البرامج الحوارية أو المواد الإعلامية تتكرر سنوياً «مشاهد» نتمنى أنها كانت خارج الأقواس فلا يزال «كهنة» التكرار يأتون برداء البيروقراطية البائس ليظهروا لنا «التشوه» البصري ويبرزوا لنا «الفشل» السمعي في «قوالب» مرئية ومسموعة لذر المزيد من «الرماد» في العيون.
لدينا قنوات فضائية منذ زمن تتمسك بأسماء لم تستطع أن تقدم «الجديد» ولم تتمكن من تقديم «المزيد» وإنما تعيش حالة من «الرتابة» المستمرة التي باتت تصيب «المشاهد» بالغثاء المتزايد والذي يدفعه للهرب من «دوائر» الاحتكار المزمن والتي يسيطر عليها «أشخاص» وسط أمعان بعض الجهات الإعلامية في تعليب «برامجها» بصور بائسة ومشاهد بئيسة تقترن بالمشهد الفضائي على مدار العام وتحضر بإعلاناتها «المأجورة» في كل رمضان لترمي نفسها في «دوائر» الاستغراب و»مصائر» الاندهاش.
لا أعلم هل عجزت «القنوات» الفضائية في استقطاب «الكفاءات» المؤهلة علمياً ومهنياً واحترافياً لتتولى الإعداد والتقديم لبرامج هي أهل لها وما الذي يدفع بعض المنصات الإعلامية لجلب «فنانين» أو فنانات ولاعبي كرة معتزلين ومحللين رياضيين ليكونوا على رأس برنامج حواري أو حوار فضائي وهم لا يملكون أدوات «المهنة» وكيف لمشاهد أن يقبل تمرير المواد الإعلامية المبهرة بالضحك والمسيرة بالتطبيل!!
وفي خضم السباق الفضائي هنالك الكثير من «التساؤلات» التي لا تنتهي وأولها لماذا تتكرر أسماء الضيوف من «شيوخ» و»تجار» و»شعراء» و»فنانين» كل عام أليس في البلد سواهم!! وأين قامات الأدب ورموز المسؤولية ونماذج الإبداع من وجودهم على طاولة «الاستضافة» التي تشوبها العديد من «المجاملات»!!
في ظل «التكرار» السنوي للضيوف بات بإمكان «المشاهد» أن يجيب عن الضيف بعد أن امتلأ عقله بالإجابات المحفوظة عنه وعن حياته وعن مواقفه وحكاياته المنسوخة ومروياته المستنسخة وليس هذا فحسب فلا غرابة أن تشاهد «الضيف» مذيعاً في جهة وضيفاً في جهة أخرى وليس بمستغرب مستقبلاً أن تجد المقدم والمستضاف مرة في قالب واحد وأخرى في جانب عكسي بأن يتحول المقدم لضيف والضيف لمقدم!!
ظلت الكثير من الكفاءات في «منأى» عن رؤية الإعلام الفضائي المتأخر الذي ينظر إلى «الإنتاج» من زاوية حادة في ظل عدم امتلاك القائمون على اختيار أسماء المذيعين والمقدمين والمعدين «بعد النظر» اللازم للتعامل مع مستقبل البرامج من زوايا متعددة تضمن الأنجاز المرتبط بذائقة المتلقي والمقترن بأمنيات المشاهد.
لا تزال «سوءات» الاحتكار حاضرة في الإعلام الفضائي من خلال تكرر أسماء وتكرار مشاهد ورتابة أنتاج وكآبة محتوى مما يؤكد وجود «خلل» عميق و»أخطاء» أزلية تحتاج إلى تغيير «الوجه» المحفوظ والموشوم في ذاكرة «المتلقي» والعمل على التجديد والابتكار وتنظيف طاولات «الحوارات» وتبديل روتينية «المواسم» الفضائية وتغيير الأسماء الملتصقة باسم القنوات وطمس «متلازمة» التقديم وتعديل مسارات «التخطيط» لبناء منظومة جديدة من الإنتاج تعتمد على التطوير وتتعامد على الموضوعية بعيدا ً عن الذاتية والأنانية والمحسوبية!!