رجاء العتيبي
المسرح (ثيم) مدني، جاء متزامناً مع توحيد المملكة العربية السعودية 1932م، وبها ومعها تشكلت طلائع المجتمع المدني، هذه البيئة كانت مكاناً خصباً، للمسرح، فكانت مسرحية حسين عبد الله سراج (الظالم نفسه) ومسرحيات أخرى أتت بعد ذلك مثل: جميل بثينة, ومسرحية الحب العذري, جاءت انعكاساً لهذه البيئة. وحسين سراج نفسه عاش حياته في الأردن وبيروت والقاهرة يوم كانت إشعاعاً حضارياً، درس هناك الشعر والمسرح والأدب، فعاد إلى وطنه ووجد بيئة صالحة للأدب والفنون فحظي بشرف كتابة أول مسرحية سعودية, فيما سعى أحمد السباعي لإنشاء (دار قريش للتمثيل القصصي) العام 1961م في مكة المكرمة، ثم إنشاء جمعيات الثقافة والفنون التي أخذت على عاتقها النهوض بالمسرح، مروراً بالمسرح في المدارس والجامعات وانتهاءً بالهيئة العامة للمسرح والفنون الأدائية التي أحدثت نقلة نوعية في المسرح مذ تسلمت زمامه قبل سنوات قليلة.
هكذا هم المثقفون يستشرفون واقعاً أجمل ويسعون إلى توسيع دائرته، ويتملكهم بالعادة شغف كبير لا ينطفئ حيال كل ما هو ثقافة وفن، يتقدمون الجمع ويخسرون الغالي والنفيس من أجل شغفهم. أناس يتقدمون الجموع من أجل ما يعتقدون به، ويعرضون أنفسهم للخطر، حتى يكون ما يؤمنون به واقعاً، قد تتأخر النتيجة وقد تأتي سريعاً، لأن هناك عوامل أخرى تتعلق بمدى جاهزية البيئة التي يناضلون فيها، ومدى قوى التغيير، ومدى إيمان المجتمع به.
البيئة لا تتشكل من ذاتها، والأنظمة لا تقر شيئاً لا حاجة لأحد به، لهذا يكون جيل الرواد هم من يبدؤون الحكاية، فيستجاب لهم. هذه حكايات تتداعى علينا بلا إذن في اليوم العالمي للمسرح، نتبادلها بيننا, ونقولها للجيل الجديد, أحداث وقضايا لا يتسع المجال لذكرها, غير أننا متفائلون أن نقدم قصص نجاح أجمل وأكبر وأشمل مع هيئة المسرح والفنون الأدائية اللذين قدما الاثنين الماضي حفلاً يليق باليوم العالمي للمسرح لهذا العام 2023م, والقادم -بإذن الله- أجمل.