لا تزال الفعاليات الثقافية التي تقوم بها وزارة الثقافة وأكاديمية الشعر العربي متتالية متنوعة. كما أن هذه الفعاليات أخذت طابع التغيير والبعد عن النمطية المعتادة في الأنشطة الثقافية.
هذا ما أشار إليه ضيف الأكاديمية والمثقفين السعوديين أدونيس. الشاعر والمثقف العربي المعروف في ليلة مختلفة من ليالي الرياض الثقافية الزاخرة بكل جديد.
حيث ذكر أنه كان يستعد لإلقاء محاضرة روتينية جافة وفوجئ بأن فريق الأكاديمية يطلبون منه حديثاً حوارياً مباشراً. فسره ذلك أيما سرور وأعطاه حرية التعبير بمرونة عن محتوى محاضرته.
هذه النقطة تحسب لأكاديمية الشعر وعلى رأسها الدكتور الشاب المثقف منصور الحارثي الذي يقود فريقاً شغوفاً بالتجديد والإبداع وتقديم ما يحدث حراكاً غير مسبوق في أنشطة الشعر والثقافة.
تنوعت نقاط المحاضرة التي ألقاها الشاعر المُسنُ وقوفاً لأكثر من ساعة كاملة. وتحدث فيها عن الشعر والحياة من مداخل عدة وزوايا مغايرة للمفهوم المعتاد.
كان الحضور متعطشاً لسماع ما يقوله هذا الشاعر الذي طالما أثار جدلاً ثقافياً في الأوساط العربية لكنه في هذه المحاضرة كان أقل حدة وتعصباً لآرائه وترك الباب موارباً للشعر ولم ينتصر لشكل على شكلٍ ولا لأسلوب على أسلوب ولا لمدرسة على أخرى ولا لمرحلة متقدمة على متأخرة ولا العكس.
فكان في منتصف المنطقة قابلاً لكل الألوان الشعرية شرط أن يكون الشاعر مجدداً.
وهذا ماجعل الحضور يخرج معتدل المزاج متفقاً إلى حد كبير على اعتدال الطرح وقبوله وأنه لم يكن هناك ما يدعو لكل هذه القطيعة والعزلة التي كانت تسود بين الأنماط الشعرية والكتابة الإبداعية بشكل عام التي يدعو لها أدونيس وغيره من المنظرين والحداثيين والتنويريين من جهة والمحافظين من جهة أخرى. المسألة ببساطة مسألة ذوق وتلقٍّ ولا خطر من تيار على تيار.
نعم. كانت محاضرة أدونيس عن الشعر والحياة خلاصة تجربة ما يقارب القرن لشاعر خاض غمار الكلمة الأم الثانية له كما قال. وكانت خلاصة مليئة بالدهشة والإمتاع.
شكراً لوزارة الثقافة وأكاديمية الشعر على ما يقدمونه لمحبي الشعر من حراك مضطرد وفعاليات نوعية في جميع مناطق المملكة.
ويكفي الشعر زهواً وحضوراً أنه محور اهتمام دولة عظمى هي السعودية لعام كامل كشعار حي متقد وإن كان لم يغب عن هذه الأرض منذ نشأته الأولى على ترابها وعلى ألسنة شعرائها إلى ماشاء الله له أن يكون.
** **
محمد فرج العطوي - تبوك