«لا يتولد الحسد من التباين الشديد بيننا وبين الآخرين ...
بل على العكس ..
الحسد وليد التقارب» ...
ديفيد هيوم
يبدأ الكتاب بتعريف المكانة بمعناها الضيق بأنها «موقع المرء قانونياً ومهنياً داخل المجتمع»، أما بمعناها الشامل فتشير إلى «قيمة المرء وأهميته في أعين الناس». ويعزو هذا السعي إلى المكانة بأن له (5) أسباب: افتقاد الحب، الغطرسة، التطلع، الكفاءة، الاعتماد.
فحياتنا حسب المؤلف تحكمها قصتا حب، الأولى سعينا خلف الحب العاطفي، وهو معروف ومقبول، والثانية سعينا خلف حب الناس لنا، والأخيرة وإن كانت تحدث من غالبية الناس إلا أن الحديث عنها مخجل.
وعن الغطرسة يوضح أن حياتنا تبدأ بين يدي أم أقصى أمانيها بقاؤنا أحياءً، وحين تتغير هذه الحالة، ويظهر في المستقبل أشخاص مختلفون عن أمهاتنا، وهم المتغطرسون، ليضعونا في زاوية تحفز للانقضاض على هذا الواقع وذلك من خلال السعي إلى المكانة.
أما التطلع فيتم من خلال المقارنة بمن هو أعلى، ويشير إلى قصة نائب الرئيس الأمريكي آنذاك ريتشارد نيكسون، والذي زار موسكو عام 1959م، وقام باستعراض الفروقات بين الحياة الأمريكية، والحياة السوفيتية، لإثارة فكرة التطلع عند السوفييت، مما أدى إلى غضب الإعلام السوفييتي.
ومن أسباب هذا القلق الكفاءة، والتي تبدو ظاهرياً إيجابية، إلا أن لها جانباً سلبياً، فهذا الطرح القائم على مبدأ الكفاءة يؤكد أن الفشل تتحمله أنت، وعليه قد يصل البعض إلى الاكتئاب نتيجة هذه الفكرة.
فكرة الاعتماد، أي أن الإنسان يترك اعتماده على أشخاص آخرين في رزقه، مؤسساً عمله الخاص. وهذه الفكرة تسبب قلقاً لمن لا يعلم أن المجتمع الإنساني يعيش على التكامل بين البشر وليس على التفاضل بينهم، فكل إنسان له دور يقوم به في خدمة المجتمع.
ثم ينتقل إلى الحلول للتخلص من هذا القلق، ويلخصها فيما يلي: الفلسفة، الفن، السياسة، الدين، البوهيمية.
فكرة الفلسفة مضمونها في أن القراءة فيها ومعانيها تعطيك روحاً مختلفة في النظر إلى الأمور، ومن هذه المعاني هو عدم إعطاء البشر أكثر من أهميتهم، الخلاصة افعل ما تراه صحيحاً ودع الخلق للخالق.
أما الفن فقصصه تبين أن المكانة ليست بذاك الأمر المهم، فقدرنا يجري كرواية مكتوبة فنحن نقوم بقرارات مهما حاولنا أو خططنا فهي قرارات توجهنا نحو مصيرنا.
وعن السياسة يؤكد أن المكانة التي تبحث عنها تتغير من مكان إلى مكان، ومن زمن إلى آخر. فالمكانة التي كانت للرجال ذوي الشراسة، والإقبال بحماسة على القتل في عهد الإسبرطيين تحولت إلى الذين اتخذوا حياة يسوع المسيح وتعاليمه قدوة لهم في عهد أوروبا الغربية.
الدين حالة عجيبة وحل سحري للتقليل من الاهتمام بقلق السعي إلى المكانة، فمهما ارتفعت مكانتك المعنوية والمادية فكل شيء ستخسره بعد وفاتك، خلاصة الفكرة الدينية أنها تريحك من قلق السعي إلى المكانة، وتبين أنه مهما حصل للإنسان ففي نهايتها كلنا للموت.
الحل الأخير، البوهيمية تلك الحالة التي تحررك من القيود لترتدي ثياباً بسيطة، تعيش في الأجزاء الأرخص من المدينة، تقرأ بشراهة، ولاؤك للفن والعاطفة، لا تفكر بأمور المادة، فالحد الأدنى من الحياة كافٍ جداً لتعيش الحياة. في العيش البوهيمية لا تنَافُس على المكانة، فالمكانة الحقيقية أن تعطي نفسك المكانة.
أخيراً ...
لا ضير في البحث عن المكانة...
ولكن...
لا تكن هاجساً تبحث فيه عن الإضرار بغيرك..
ما بعد أخيراً ...
السعادة ليست في المكانة ...
بل في الرضا عن الذات والقناعة بما لديك.
** **
- خالد الذييب