م. بدر بن ناصر الحمدان
تتجه المنظمات والشركات والمؤسسات إلى الاستعانة باستشاريين سواء أفراد أو بيوت خبرة بهدف توفير الخبرة والمعرفة في مجال ما، أو للاضطلاع بمشروع أو برنامج عمل، أو ربما أشمل من ذلك بما يصل إلى المساعدة في الحوكمة وتطوير النظم والإجراءات وتحسين الأداء بشكل عام، واللافت في الأمر أنه من خلال الممارسة الإدارية والتجربة العملية لكثير من أجهزة القطاعين العام والخاص ظهرت أنماط متعددة لهؤلاء الاستشاريين يمكن إيجازها في نمطين رئيسين.
النمط الأول من الاستشاريين هم «الخبراء المحترفون» والذين يستطيعون إحداث تغيير إيجابي جذري في المنظمة ولديهم القدرة والكفاءة على نقل العمل في المهمة التي يضطلعون بها لإلى مستوى متقدم جداً من الاحترافية وتغيير بوصلة الممارسة إلى اتجاهات جديدة ومبتكرة وإبداعية، أي أنهم يمثلون إضافة نوعية لبيئة العمل ويتركون أثراً كبيراً يبقى لأمد بعيد من خلال مخرجاتهم التي تتجاوز إنجاز المهمة التي جاءوا من أجلها إلى غرس ثقافة عمل جديدة على سبيل نقل المعرفة وصناعة المستقبل.
النمط الثاني من الاستشاريين هم من يعمل بعقلية «إعادة التدوير» والذين لا يمتلكون سوى صناعة الوهم من خلال عروض تقديمية منسوخة من تجارب الآخرين، ولا يمتلكون حتى القدرة على فهمها ولا تنفيذها، وكل ما يتقنونه ارتداء ملابس أنيقة ومنمقة، وطرح الأسئلة والحصول على كم هائل من المعلومات والوثائق ومن آراء الأفراد العاملين ومقترحاتهم دون تحليلها والاستفادة منها بأساليب منهجية، ومن ثم يعيدون تدويرها وتقديمها بصورة مشوهة وغير قابلة للتنفيذ بمبدأ (هذه بضاعتكم ردت إليكم)، لذلك تجدهم عالقين في المرحلة الأولى من مهمتهم وعادة ما يتوقفون في منتصف الطريق، فهم لا يستطيعون العودة إلى نقطة البداية ولا الوصول إلى نقطة النهاية، والنتيجة إخفاق وهدر للوقت والجهد والمال، ويتحولون في نهاية المطاف غلى عبء كبير على المنظمة.
التجربة تقول إن هناك «استشاريين»، وإن هناك «آخرين»..