د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
تتجه الدولة نحو تنمية اقتصاد العاصمة، وتأهيلها لاستيعاب ضعف عدد السكان بحلول عام 2030، حالياً عدد سكانها يبلغ 8 ملايين نسمة، ما يعني أنها تسعى نحو مضاعفة عدد السكان ما بين 15-20 مليوناً بحلول العام 2030، وفق نمو مدروس للمدينة حتى تكون الرياض ضمن أفضل 10 مدن في العالم من حيث الاقتصاد والتنافسية وجودة الحياة، مما يتطلب تطوير البنية التحتية، ودعم توفير الاستخدامات السكنية، والسياحية بما يسهم في رفع مستوى جاذبية الرياض.
كذلك أعلنت السعودية بأن كل شركة أجنبية ترفض توطين مقرها الإقليمي في الرياض بعد عام 2023 ستمنع من الوصول إلى العقود الممنوحة، خصوصاً أن الشركات متعددة الجنسيات حريصة على إعادة تأكيد وجودها في السعودية، من أجل توطين سلسلة القيمة، إضافة إلى بروز أقطاب التخصص التي تتميز بها العاصمة الرياض، من أجل تطوير هوية اقتصادية خاصة بالرياض، من أجل أن يحتل قطاع السياحة والترفيه مكانة متميزة لبعث الحياة في نهج تعاوني،
ولتحقيق ذلك كان لابد من الإعلان عن شركة طيران الرياض الجديدة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة التي تحقق تحويل الرياض إلى وجهة عالمية ضمن خطة رؤية المملكة 2030، ولإطلاق إمكانات القطاعات الواعدة محليًا لدعم تنويع الاقتصاد، حيث من المتوقع أن تسهم شركة طيران الرياض في نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بقيمة تصل إلى 75 مليار ريال، واستحداث أكثر من 200 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
وتود السعودية أن تكون شركة الرياض الجديدة أول ناقلة في العالم ذات طابع رقمي لناحية خدمة العملاء، وتجربة المسافرين تنافس شركات النقل العالمية، ووفق سكاي تراكس العالمية للطيران في 2022 حازت الخطوط القطرية على لقب أفضل شركة طيران، بينما حصلت الخطوط الجوية السنغافورية وطيران الإمارات في المركزين الثاني والثالث، وبذلك ستصبح منطقة الخليج مركز جذب عالمي.
فطيران الرياض تؤكد مكانة السعودية كأكبر اقتصاد عربي، وربط العاصمة بأكثر من 100 وجهة عالمية، حيث يتيح امتلاك السعودية أسطول من طائرات متطورة وفق أحدث التقنيات الحديثة، وتتبنى أفضل معايير الاستدامة والسلامة المعتمدة عالمياً.
يعزز هذا الطيران تحقيق رؤية المملكة في جذب 100 مليون سائح و30 مليون معتمر ونحو 6 ملايين حاج في 2030، لذلك تم تعيين توني دوغلاس الرئيس السابق لطيران الاتحاد رئيساً تنفيذياً للشركة، لتمكين الشركة من التوسع في عملياتها التشغيلية بما يدعم خططها المستقبلية لتكون شركة وطنية رائدة وعالمية في قطاع الطيران، من أجل زيادة حركة الملاحة الجوية السنوية بأكثر من ثلاثة أضعاف إلى 330 مليون مسافر بحلول نهاية العقد.
يأتي إنشاء هذه الشركة بعدما أعلنت الدولة عن خطط لتشييد مطار جديد في الرياض يمتد على مسافة 57 كيلومترًا من المفترض أن يستوعب 120 مليون مسافر بحلول 2030 ونحو 185 مليون مسافر بحلول العام 2050، حيث تبلغ الطاقة الاستيعابية لمطار الرياض حالياً نحو 35 مليون مسافر، حيث كان من أكبر المطارات في العالم من حيث السعة المقعدية على الرحلات الدولية في 2019، أتت دبي في المركز الأول بنحو 54 مليون مسافر، ثم مطار هيثرو 47، ثم هونج كونج بنحو 46، ثم سنغافورة وسيؤل وباريس وامستردام وفرانكفورت وبانكوك وتايون ما بين 42 و30 مليون مسافر.
إطلاق الناقل الجوي الجديد جزءًا من حزمة ضخمة من المشاريع هي الأكبر على الإطلاق في تاريخ الطيران السعودي، ليس فقط لترسيخ مكانة السعودية كمحور دولي للطيران، بل أيضاً كمركز لوجستي عالمي وفق أهداف الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، يستثمر مكان السعودية المتوسط بين الشرق والغرب، وهي الممر بشكل خاص بين جنوب شرق آسيا وإفريقيا التي هي بمثابة قارة المستقبل التي تتنافس عليها الدول الكبرى في الحصول على استثمارات.
أعلن البيت الأبيض في 14-3-2023 أن شركة بوينغ أتمت صفقتين مع السعودية لتصنيع ما يصل 121 طائرة من طراز بوينغ 787 دريملاينر، بقيمة 37 مليار دولار، واحدة لتدشين شركة طيران جديدة، والأخرى لتوسيع أسطول قائم، للمساهمة في تطوير قطاع النقل الجوي وتعزيزًا لموقع السعودية الإستراتيجي الذي يربط بين ثلاث من أهم قارات العالم، آسيا وإفريقيا وأوروبا، والعمل على رفع القدرة التنافسية للشركات الوطنية من جانب ومنافسة الشركات الخليجية وأيضاً العالمية، من خلال تقديم مستويات استثنائية من الخدمات المتكاملة، ممزوجة بطابع الضيافة السعودي الأصيل.
تعد شركة طيران الرياض ومطار الملك سلمان الدولي ضمن أحدث استثمارات صندوق الاستثمارات العامة في قطاع الطيران، الهادفة لرفع الاستدامة المالية لمنظومة قطاع الطيران، وتعزيز تنافسيتها عالمياً تحقيقاً لمستهدفات رؤية المملكة 2030.