سمر المقرن
يجمع كثير من الناس والشعوب، على أن الشاعر بدر بن عبدالمحسن، منارة الشعر في زمانه وعصره، والامتداد الطبيعي لأسلافه شعراء الجزيرة العربية الذين أسسوا نواة صنعة الشعر وهندسة الكلام وفنونه في زمانهم، أولئك الأساطير الذين ذهبوا بالشعر بعيداً إلى أن أصبح سمة بارزة لقومهم، يُمارسون من خلاله الحب والغزل والسياسة، بل والتأريخ فأينما حلوا حل الشعر، وجمال البيان وسحره الآسر.
في المستقبل البعيد، سيكون البدر بن عبدالمحسن، نجماً في طليعة تلك الرموز الشعرية لدى الناس، ورمزاً عظيماً من رموزها، سيكون مثل شعراء المعلقات وفي مقامهم.
نعم سوف يستعيد الناس أشعار هذا البدر المكتمل، باعتباره مرجعية شعرية ينتمون إليها وإلى مفرداتها وصورها وموضوعاتها، ولابد أنهم سوف يقيمون له نصباً تذكارياً في أحد الميادين مزخرفاً بكلماته الخالدة، وقصائده المنسوجة من تاريخنا الوطني، وتراثنا الاجتماعي العاطفي، حيث تكمن خطورة الحب، وعذابات الشوق والانتظار في وشاج شديد مع ثارات الحرب ودويها المهيب، وما تتخلله من كلمات تزيِّن الموت ونثر الدماء في خلد الشجعان، شيباً وشباباً وولداناً، دون شرفهم الكامن فيه وطنهم وسيادتهم.
فمن قال للحب: نادي الليَالي تعُود..
بشوق الهَوى بوعُود
بوجهي اللي ضيعته
زَمَان في عُيُونك السُّود
قال في الحرب: يا شيخنا لا ما كرهنا المنادي
قال الفلاح وقالت قلوبنا سم..
يعل من تلبس علينا الحدادي..
لأفعالنا عقب المتاحة تبسم..
وصار الجزا غدر وهجادي..
الله عليهم لا غدى سيلنا يم.
والقائل في الحب: جديلة ما وراها صبح.. ألا يا طول مسراها
وعينٍ ما تمل الذبح.. كأن أحبابها اعداها
وقد قال في الحرب:
ليلٍ على الخفجي تشقق نهاره
فعيوننا صبحٍ ... وفعيونهم ليل!
الله على اللي مبتدينا بغارة..
هو ما درى أنا للملاقى مغاليل..
يا طالبين الحرب ما هي عياره!
نارٍ إلى شبَّت حطبها رجاجيل
حنا عمار الخصم وحنا دماره
وحنا إلى ضاقت نحل المشاكيل
ما كتبته هنا، ليس سوى ثمة وقفة لابد أن تكون، تقديراً وتخليداً لسيرة الشاعر الذي رفض المسافة والسور والباب والحارس.. سيرة القابض على جمرة الحب عمراً. مؤمنٌ أن «الهوى ما هو خطية».. موجوع من العطش، منادياً:
يا سموم القيظ.. جفت عروقي
تحتي الرمضا.. واللهيب فوقي
والعطش شوقي.. وشوقي للعطش
أسقني عيونك حبيبي.. أو أموت
ما أبي رمشك نعش!