منال الحصيني
أترك لكِ الكثير دون تفسير حتى لا أضيّع لذّة القراءة والبحث عن المجهول...
«أنا هو منقذي».
عندما تتلاطم بكِ أمواج الحياة وتأخذك إلى جرف هاوٍ حيث مفترق الطرق، سيملأ عقلك الذهول ليشحن جسدك الذي أوشكت طاقته على النفاد.
هنا لابد من التمعن في هذا الخطب الجلل، ستستجمعي قواك مرددةً أنا هو منقذي...
في هذه الوهلة العصف الذهني يفجر بركاناً ظل خامداً بين جنبات التكلس العقلي ضمن طبقات مترسبة كانت نتاج أحافير السنين.
أليس البحث عن الذات الحقيقية لا يكون إلا حينما تخور قوانا؟، أو ليس السلام الداخلي مطلباً بشرياً لتحقيق الاطمئنان؟ لذلك هو يأتي من الداخل فلا تسعِ إليه، هو حالة ذهنية تُدركِ فيها ذاتك لتغنيك عن العالم الخارجي لتعيشي حالة من الاطمئنان والراحة والسكينة من الداخل.
كل هذا سيأتي فقط عندما تعقدي النية المطلقة بتحرير أفكارك وربما عاداتك السابقة، حتماً هي لا تُشبهك، فمجدافك المكسور أودت به أمواج الحياة المتلاطمة إلى حيث انتهى عصفك الذهني.
في هذه الآونة أجزم أنك أيقنتي تغيير كون (الغاية تبرر الوسيلة) إلى مبدأ «الوسيلة إلى نيل الفضيلة» هنا ومن هذه اللحظة التاريخية بعد هذا العناء الطويل سينجلي الغبار وتتضح رؤيتك كونك أحدثتي تغييراً كبيراً أعدتي فيه ضبط بوصلتك فما عادت وسائل الأمس التي أثقلت كاهلك تعني لك شيئاً كونها مبنية على غايات أشبه بالسراب..
فقانون الحياة أتى بعدل منقطع النظير، نحن من يحدث التغييرات حتى تكاد بلا لون ولا حتى طعم.
لماذا هذا الزيف؟، ولما التكلف؟ وماذا عن تلك القوانين التي أصدرتها على من حولك حتى تُشعري الجميع أنك قادرة على إدارة دفة الحياة بمفردك؟.
ماذا عن محيطك الصغير الذي لم ينصع لأوامر كان ينسجها خيالك بأنها الأفضل.
أعلم أنكِ أيقنتي أن الحياة أخذ وعطاء، دون إجبار.. فما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، سنة كونية لا يمكن تجاهلها وفق مبدأ الحياة العادل.
أما بعد «أنّى لكِ هذا.....
هنيئاً لكِ أن أخرجتي نفسك من دائرة مفرغة ظللت تدورين بداخلها سنين عجافاً، الآن أيقنتي أن الوسيلة للعيش بسلام في هذه الحياة هي تلك الأشياء المتوافرة والنابعة بداخلك بشتى وسائلها وبحسب إمكانياتك المادية وقدراتك العقلية..
هنا أصبح استعدادك الطبيعي أو حتى المكتسب «فضيلة تنبع من مبدأ داخلي لأفعالك التي تحققين بها كمالك الذاتي.
أقول هذا، وأنا أعلم أن كل تلك الرحلة لم تكن بلمح البصر كانت نتاج ألم، وخذلان، وصراع بين الحق والباطل، وبين الموجود والمفقود وتلاطمت المتضادات كمجرات أخذت تدور داخل لب عقلك لترسو في سماء اللطف الإلهي حيث نور البصيرة يقودك للرشد، حيث الفتوحات الربانية، والتفكير ضمن منظومة متكاملة كأنما سُقتي إليها سوقاً....
....هو من عند الله.