د.علي آل مداوي
لا شك بأن المملكة العربية السعودية لديها علاقات متنوعة ومتميزة مع كافة الدول شرقاً وغرباً، وقد حققت دبلوماسيتها نجاحاً يضاف إلى سلسلة النجاحات في مجال علاقتها الدولية الثنائية أو المتعددة، ففي هذا الإطار وافق مجلس الوزراء بالمملكة العربية السعودية على قرار الانضمام إلى «منظمة شنغهاي للتعاون» ومنحها صفة شريك الحوار في وقت يتواصل العمل على تعزيز علاقتها مع الصين ومد جسور التعاون والعمل الذي ينعكس إيجابياً بالنفع على البلدين الصديقين.
ومنظومة شنغهاي التي تأسّست عام 2001 كمُنظّمة سياسيّة واقتصاديّة وأمنيّة، على يد زعماء ست دول آسيوية، هي الصين، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وروسيا، وطاجيكستان، وأوزبكستان، وقع ميثاق منظمة شانغهاي للتعاون في يونيو 2002، ودخل حيز التنفيذ في 19 سبتمبر 2003 كانت هذه البلدان باستثناء أوزبكستان أعضاء في «مجموعة شانغهاي الخماسية» التي تأسست في 26 أبريل 1996 في شانغهاي.
وتتمحور أهداف المنظمة حول تعزيز سياسات الثقة المتبادلة وحسن الجوار بين دول الأعضاء، ومحاربة الإرهاب وتدعيم الأمن ومكافحة الجريمة وتجارة المخدرات ومواجهة حركات الانفصال والتطرف الديني أو العرقي.
والتعاون في كافة المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والعلمية والتقنية والثقافية وكذلك النقل والتعليم والطاقة والسياحة وحماية البيئة، وتوفير السلام والأمن والاستقرار.
ومنظمة شنغهاي للتعاون هي كتلة اقتصادية وأمنية تضم الصين والهند وإيران وكازاخستان وقيرغيزستان وباكستان وطاجيكستان وأوزبكستان، ومن بين شركاء الحوار الآخرين أرمينيا وأذربيجان وكمبوديا ومصر ونيبال وقطر وسريلانكا وتركيا، بينما يشمل المراقبون أفغانستان، وبيلاروسيا ومنغوليا، وجاء قرار الرياض مؤخراً بانضمامها إلى «منظمة شنغهاي للتعاون» ومنحها صفة شريك الحوار.
لا شك أن حراك المملكة العربية السعودية الدبلوماسي شرقاً والاقتراب من منظمة شنغهاي للتعاون، تعد خطوة إيجابية ونوعية والتي تأتي في إطار انفتاح وتنوع دبلوماسيتها، شرق آسيا سواء كان على الصعيد السياسي أو الاقتصادي وكافة الأصعدة الأخرى وكذلك يأتي في إطار دعم السلم والأمن الدولي.
وكذلك مع تعزيز المملكة اقتصادها الصاعد وربما كان آخرها إعلان شركة «أرامكو» عن زيادة استثماراتها في بكين بعدة مليارات من الدولارات عبر مشروع مشترك كان مخططا له في شمال شرقي الصين، وكذلك الاستحواذ على حصة في مجموعة بتروكيماوية خاصة.
وقد هنأت الصين المملكة العربية السعودية على انضمامها إلى منظمة شنغهاي للتعاون، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، في إفادة صحفية،» إن بكين تهنئ المملكة العربية السعودية كونها أصبحت شريكا في الحوار في منظمة شنغهاي للتعاون».
وأعرب المتحدث عن «استعداد الصين لتعزيز التعاون مع المملكة العربية السعودية في إطار منظمة شنغهاي للتعاون من أجل تقديم مساهمة أكبر في الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين وتعزيز التنمية المشتركة».
ولا شك أن مكانة المملكة ريادية خصوصا أن دورها حيوي في المنظمات الإقليمية مثل مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، وأيضاً المنظمات الدولية مثل منظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة أوبك فضلاً عن قوتها الاقتصادية على الصعيدين الإقليمي والدولي، لذلك وضعها كشريك في الحوار يمنح المنظمة ثقلاً دولياً.
كما أن انضمام المملكة إلى منظمة شنغهاي يدعم اقتصاد المملكة ويمنحها فرصا أكبر لتواكب رؤيتها الطموحة، واستفادتها من إيجاد شراكات مع الدول الموجودة بما يعود بالنفع وتحقيق برامج الرؤية وتنميتها وأهدافها المستدامة.
وتعد المملكة العربية السعودية نقطة وصل مهمة يمكن للدول الأعضاء تحقيق فائدة منها على كافة الأصعدة سواء كانت استثمارية أو تجارية وتنموية، كما يمكن أن يحقق نهضة اقتصادية وازدهاراً على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ولمنظمة شنغهاي دور حيوي ومهم على الساحة الإقليمية والدولية، وتشارك في اجتماعات الأمم المتحدة منذ الثاني من ديسمبر (كانون الأول) 2004 كمراقب، وتتعاون منظمة شنغهاي مع الكثير من المنظمات الإقليمية والدولية.
وارتبطت شنغهاي بمذكرات تفاهم مع عدد من التكتلات الدولية ومنها مذكرة تعاون مع «رابطة آسيان» وتم توقيعها في إندونيسيا في الـ21 من أبريل 2005. وأيضاً مذكرة تفاهم مع «رابطة الدول المستقلة» ومقرها مدينة مينسك في بيلاروس.
تم تصميم هيكل المنظمة بالكامل بهدف تكوين شراكات متعددة الأطراف لمساعدة الأعضاء السياسيين في تنسيق الاستراتيجيات والأساليب لحل القضايا الدولية الملحة وتلبية الاحتياجات الإقليمية. كما أنه يتيح فرصة للدول الأعضاء لكي تركز جهودها على الأهداف المشتركة بما يتماشى مع مبادئ التعاون الطوعي والتوزيع العادل للمسؤوليات.
كما تهدف المنظمة لتحقيق ضمان الأمن الإقليمي والدولي ومحاولة تجفيف منابع الإرهاب ومكافحة التطرف والمخدرات ومواجهة كذلك الحركات الانفصالية وتهريب الأسلحة والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وترسيخ السلم الدوليين.
وتمضي الرياض اليوم في علاقات متميزة وحيوية مع أركان العالم الخارجي مما يعطيها القدرة على مزيد من تعزيز علاقتها السياسية بما ينعكس بالإيجابية على نماء وازدهار المملكة وتحقيق التنمية البشرية والنهضة الاقتصادية التي تتواكب مع «رؤية 2030».
أما على الصعيد الإقليمي والدولي فتقود دبلوماسيتها مرحلة شراكة مع دول الأعضاء لتعزيز الأمن والسلم الدوليين نظرا لدور المملكة الريادي على الصعيد الإقليمي والدولي.
ختاماً إن صفة شريك لرياض اليوم مع شنغهاي قفزة نوعية وانفتاح سياستها وتعزيز شراكتها شرقاً وهو التقاء سوف يشكل جسرا قويا من علاقات التبادل التجاري مع الدول الأعضاء، وسوف يلعب دورا فاعلا ومؤثرا لتنشيط وتفعيل العلاقات التجارية والصناعية التي تصب كلها في روافد توثيق العلاقات الاقتصادية المشتركة وتحقق المملكة نجاحات طموحه وفق لرؤيتها، وكذلك العمل مع «منظمة شنغهاي للتعاون» في ترسيخ الأمن والسلم الدوليين.