مها محمد الشريف
اليابان تنفصل عن حلفاء الولايات المتحدة وتشتري النفط الروسي بأعلى سعر، حلفاء أمريكا يبحثون عن مصالحهم الاقتصادية مع روسيا، فاليابان، أحد أقرب الحلفاء إلى الولايات المتحدة، تشتري النفط الروسي فوق السقف السعري الذي قررته مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي، في خروج عن الاتفاق الذي أُقر داخل المجموعة لمعاقبة روسيا بعد غزوها أوكرانيا، فهل تمكنت اليابان من إقناع الولايات المتحدة بمنحها إعفاءً من الحظر على واردات النفط الروسي، لحاجتها إلى الوصول إلى منتجات الطاقة الروسية.
فكيف أقنعت اليابان الولايات المتحدة على الاستثناء، فالكثير من المشاهد تكتب خلف الأحداث وأحياناً تكتب في مترو الأنفاق أو في حافلة المدينة، أو في ساحة مزدحمة، إنه المكان الذي يلزم الناس على اتخاذ بعض القرارات المصيرية، واليابان قالت كلمتها بأنها بحاجة للوصول إلى الطاقة الروسية، وهذا ترجمة للمشهد الذي حاولت كتابته حتى يُظهر اعتماد اليابان على روسيا للحصول على الوقود الأحفوري، والذي قال محللون إنه ساهم في تردد طوكيو في دعم أوكرانيا بشكل كامل في حربها مع روسيا.
لقد بدأ الغزو الروسي لأوكرانيا في 21 فبراير 2022م دون نهاية واضحة، وتسليط الأضواء على تبعات هذه الحرب تتناول ظروف ظهورها في مراحلها المتتالية منذ فرض العقوبات القصوى من الغرب بقيادة الولايات المتحدة على موسكو، إلى تاريخنا الحاضر، وأدى ذلك لاختلال الموارد المالية والتضخم الذي ضجرت منه الشعوب الأوروبية وتسبب في أزمة اقتصادية، فإلى متى يمكن أن يصمد هذا التحالف الغربي رغم التباينات الداخلية التي تدور كلها حول المحاور نفسها للوحدة التي يبدو عليها؟
والأزمة ما زالت تتطور، ويبدو أنهم لم يجدوا تلبية لمطالبهم، فهل شراء النفط من روسيا دليل على أن التحالف أصبح هشاً؟، قالت وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال بلاتس، عن وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة في اليابان، إن طوكيو استأنفت واردات النفط الروسي، بعد توقف دام ثمانية أشهر في التسليم، وتستورد اليابان كل احتياجاتها تقريبًا من النفط والغاز الطبيعي، إذ إن الإنتاج المحلي منهما لا يغطي أكثر من 1 % من احتياجاتها المحلية، ومعظم كميات النفط المستوردة تأتي من بلدان الشرق.
وهنا يظهر الافتقار إلى التماسك بين دول آسيا الصانعة بحيث تمكنت اليابان من تحقيق طفرة اقتصادية سريعة حتى أصبح ثاني الاقتصاديات في العالم بعد الولايات المتحدة، وثالث قوة تجارية في العالم ويسجل الميزان التجاري الياباني ربحاً سنوياً وذلك بتصدير المواد المصنعة ووضع قيود جمركية على المواد المصنعة الأجنبية وبذلك يساهم بـ 7بالمئة من التجارة العالمية، ويعد التصنيع إحدى ركائز القوة الاقتصادية اليابانية، ولكن مع ذلك، تمتلك اليابان القليل من الموارد الطبيعية.
وهذه الخصائص الراهنة يبدو شكلها السلبي واضحاً، فحملة الضغط الأمريكية تعتمد على الدعم من الحلفاء والشركاء، وخاصة في أوروبا، فماذا يمكن أن يكون اليوم بعد هذه الإشكالات التي تتدنى في غمار الممارسات؟، والغريب في الأمر أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مازال يؤكد مراراً، أن الدول التي تشكل «أكثر من 50 %» من الناتج المحلي الإجمالي العالمي الذي يشمل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا، تعمل بشكل متضافر لفرض تكاليف اقتصادية ومالية على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا.