سهلة المدني
المحاماة طريق للعظماء والتجرد من الواقع والعيش في علاقة عمل لا تجد فيها الأمان والتطور الذي تبحث عنه هو أكثر شيء يجعل كل من يعمل في مهنة المحاماة يجد نفسه أمام طريق لا يستطيع أن يكمل فيه. وعندما بدأت في الكتابة عن مجال المحاماة لم أفعل ذلك إلا لسبب هو بيئة العمل التي وجدت فيها بعض الغموض وعدم النجاح فيها، وله أسباب يمكن أن نكون نحن من كان السبب في حدوثها، وعندما ندرك بأن الشر عندما ينتشر في مهنة المحاماة فهو سيبتلع الضعيف الذي هو ما زال في بداية طريقه، وأما أنه أنهى دراسته الجامعية أو أنه أنهى مرحلة التدريب وبدأ يمارس حياته كمحامٍ ولكن المصاعب التي تواجهه في بداية طريقه تجعله لا يستطيع أن يكمل في مشواره المهني، وهذا هو الشر والعقبة التي تقف في طريق الضعيف، وعندما لا يبقى أي ضعيف فيها فهي ستبتلع القوي بقوته بأكملها وتقضي على ما تبقى من وجوده ويصبح مثالاً يتحدث عنه الجميع بأنه كان أنجح محامٍ وأثبت وجوده وأنه ماضٍ ولن يعود مثل ذي قبل، وهذا ما يحدث وبدأ يحدث في مهنة المحاماة، ونجد من تركها للعمل في مجال آخر فهو لا يجد موكلين يتابع قضاياهم، وبعضهم لديه خبرة ويتطوع في قضايا أثارت الرأي العام لكي يصل لشهرة كبيرة ولكي يثبت وجوده. ومهنة المحاماة تدافع عن الحق وتحارب الظلم ولكن نجد بأن الظلم هو جزء منها وهو يرقص بحباله على كل من يقترب منها، والقصص التي تحدث عندما نتحدث عنها يشيب لها الرأس وتذوب لها الأعماق، نعم هذا واقع، لكن نحن بحاجة لإدراك أن المحاماة لم تُخلق لكي تسلب الحقوق، ونحتاج من وزارة العدل أن تضع قوانين صارمة للدافع عن المحامين الذين لديهم خبرة والذين ما زالوا في بداية مشوارهم المهني، وذلك لحفظ حقوقهم وجعلهم يستمرون في العطاء، ولأنه من الصعب أن تدافع عن الظلم وأنت لا تجد حقوقك، فهذا لا يعقل. وفي هذه المهنة تجد محاميًا يكسب الملايين من خلال قضية واحدة تجعله ثريًا، وتجد محاميًا آخر لا يجد حتى قوت يومه، وهذا ما يجعلك تدرك أن الشر يبدأ بالضعيف وينهي مسيرته مع القوي، ولا نريد أي طرف أن يخسر ونحتاج إلى أن نعرف أنه قبل أن تدافع عن المظلومين يجب أن تطبق القانون على نفسك وتجعله مرآة لك تسلك من خلالها طريقك.