د.عبدالعزيز الجار الله
اشتكى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، لنظيره السعودي وزير الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان، عن تعب السفر وطول المسافة بين طهران وبكين في الصين للمفاوضات، وجاء رد الأمير الفرحان في اللقاء سريعاً: أن المسافة من طهران إلى الرياض ساعتين فقط. وهذا رد دبلوماسي وإداري ويعبر عن مواقف المملكة السياسية والاقتصادية والإعلامية، فالمملكة كانت تنادي في جميع المنابر الدولية بالتعاون المشترك والاستثمار والتنمية وبناء الدول والشعوب، لكن العديد من الدول الغربية تدفع إلى الحرب وتحريك الجيوش وصنع الميليشيات، وبالمقابل يطالبون أن تدفع دول الخليج والسعودية فاتورة مغامراتهم السياسية والعسكرية.
أوروبا وأمريكا وحتى روسيا في السنوات الماضية كانوا يدفعون الخليج إلى الدخول في حروب منها الحرب العراقية الإيرانية 1980- 1988، والتورط في غزو أمريكا للعراق 2003، وجعل دول الخليج العربي طرفاً بل جرها لثورات الربيع العربي 2010، وحتى إقحامها لوجستيا في النفط والغاز وفرضها على الحرب الروسية الأوكرانية 2022، وتحميلها التبعات الاقتصادية لهذه الحروب، ثم يريد الغرب أن يفرغ مضمون حل الدولتين في القضية الفلسطينية.
المدن السعودية على مسافة ساعتين إلى طهران وصنعاء وبيروت ودمشق والقاهرة وغيرها من العواصم العربية، فإن ملف المصالحة العربية والتنمية والاقتصاد والاستثمار العربي المشترك على الطاولة السعودية وضمن أجندة النقاش والتفعيل،كما أن ترميم البيت العربي والجوار الجغرافي والدول الإقليمية هي من أولويات دولتنا وجل اهتمامها.
يجمعنا مع إيران مشتركات عدة:
- الجوار الجغرافي الموغل في القدم التاريخي.
- الدين الإسلامي الذي يجمع شعوبنا العربية والإيرانية.
- مياه الخليج العربي الذي نتقاسم شواطئه على ضفتي الخليج.
- منابع آبار النفط والغاز المشتركة بين دول المنطقة.
- الحدود البحرية المشتركة متجاورة ومقابلة.
فالصراعات التقليدية انتهت أوتوقفت ونحن في أزمنة مغايرة مختلفة عن صراعات الثمانينيات الميلادية أو ثورات الربيع العربي، كما أن حرب روسيا وأوكرانيا خلق واقعاً جديداً حيث العالم تقسم إلى أكثر من تكتل لم تعد أوروبا هي من يصنع الحدث كما هو في عام 1979، أو أمريكا عام 2010 الربيع العربي، هذه الدول انشغلت بنفسها والحرب القوية في أوروبا التي أنهكت الاقتصاد والآليات العسكرية والقدرة على تحريك السياسات في الشرق الأوسط.
لذا لابد لدول المنطقة الإقليمية أن تعيد ترتيب ملفاتها السياسية والاقتصادية والاستثمارية.