خالد بن حمد المالك
في يوم واحد، نفذ الفلسطينيون عمليتين فدائيتين لا يفصل بينهما سوى ساعات قليلة، واحدة كانت في تل أبيب، وقتل فيها شخص واحد وخمسة مصابين اثنان منهما في حالة خطرة، والأخرى في منطقة الحمراء وقتل فيها ثلاثة أشخاص.
* *
وقبل هاتين العمليتين، كانت القوات الإسرائيلية قد اقتحمت المسجد الأقصى وطردت من باحاته المصلين والمعتكفين في تصرف استفزازي وأحمق، ورأى الفلسطينيون أن هاتين العمليتين جاءتا رداً على اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى والاعتداء على المصلين والمعتكفين.
* *
إسرائيل منذ تشكيل حكومة نتنياهو الحالية، ودخول عناصر متطرفة في تشكيلها زادت من تكرار اقتحامات الأجهزة الأمنية لمساكن المواطنين الفلسطينيين، وقتل أو إصابة عدد ممن تعتبرهم يشكلون خطورة على أمنها، والقبض على عدد آخر منهم، ولاحقاً اقتحامها للمسجد الأقصى وطردها للمصلين والمعتكفين.
* *
كل هذا فجّر الأزمة المتفاقمة في إسرائيل، وحرّك الطرف الفلسطيني لمواجهة الأمن الإسرائيلي من خلال هاتين العمليتين وغيرهما، وكذلك إطلاق الصواريخ من لبنان ضد المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما ردت عليه إسرائيل باستهداف مواقع لحماس في كل من لبنان وغزة.
* *
هذا المسلسل من العمليات الفدائية الفلسطينية، وقبلها الممارسات الإسرائيلية لن تهدّئ الوضع في إسرائيل وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسوف تستمر العمليات من الجانبين في تصاعد رغم تكلفتها العالية، ورغم التباين الكبير في موازين القوى بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية.
* *
بينما يكمن الحل بالحوار، وتطبيق ما سبق الاتفاق عليه، والوصول إلى قناعة بأن السلاح سيظل عاجزاً عن تحقيق حلم السلام، وأن اللجوء إلى حل الدولتين هو الخيار المناسب والمطلوب لإطفاء مبرر هذا الصراع الدامي بين إسرائيل والفلسطينيين.
* *
وبإقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية ما قبل حرب 1967م وعاصمتها القدس، ضمن ضمانات دولية تحقق الأمن لإسرائيل، وتضمن الاعتراف بإقامة دولة فلسطين تكون قابلة للحياة هو ما يجب أن يكون هاجس دول العالم، وخاصة الدول المؤثرة على إسرائيل، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.
* *
وبدون هذا الحل، بدون هذا الخيار، من غير هذا التوجه، سيظل الوضع غير المستقر يراوح في مكانه، ولن تتمتع إسرائيل بالاستقرار، وستظل المواجهة المسلحة هي سيدة الموقف في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل.
* *
والمطلوب من الولايات المتحدة الأمريكية لإنجاح ذلك أن يكون موقفها داعماً ومؤيداً لحل الدولتين، والضغط على إسرائيل للقبول بما تم الاتفاق عليه في أوسلو، والابتعاد عن دعمها الأعمى لإسرائيل، وأن تنأى بنفسها عن استخدام حقها في النقض في مجلس الأمن لكل مشروع قرار يكون عادلاً ومنصفاً ويتم التوافق عليه بين الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
* *
وقد تبيّن أن ما تسميه إسرائيل بالردع والقبة الحديدية، إلى جانب الدعم الأمريكي لإسرائيل أنها لم تضمن لإسرائيل الأمن والسلام، حتى مع قسوة التعامل الإسرائيلي مع المقاومين الفلسطينيين، سواء في غزة، أو في أراضي السلطة الفلسطينية، وهو ما يجب أن يكون محل الاهتمام من أمريكا والدول الأوروبية، وصولاً لإنهاء آخر احتلال واستعمار في العالم، والضغط على إسرائيل لتقبل بإقامة الدولة الفلسطينية.