فهد عبدالعزيز الكليب
يصادف يوم 26-9-1444هـ ذكرى تاريخية عزيزة على قلوبنا، ألا وهي الذكرى السادسة لتولي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، بعد مبايعته بقصر الصفا ومن جوار المسجد الحرام بمكة المكرمة، وفي ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك بعد صدور المرسوم الملكي رقم (أ/ 255)، ليعلن بداية تاريخ ذي رؤية ورسالة مختلفة، لعمل لا يعرف المستحيل أو التوقف، وبديناميكية متسارعة نحو المنجز، ورعاية من لدن القيادة العليا.
لقد تفوقت الطاقة الشابة والمتجددة وبفكر مستنير امتلك كل مقومات أسرار التفوق المهاري والقيادي الإبداعي الملهم وبجدارة وكفاءة الاستحقاق المبهر، حيث أثبتت الأيام والأعمال والمواقف والمنجزات مع عزم وحزم وثبات مبدأ ليكون مكون شعب طموح، معظمُه من الشباب المتقد حيوية وحماسة ونشاطًا ليشكل مع سموه طاقة متجددة ومتكاملة، وبيئة عمل طموحة لا حد لها، وبهمة عالية كهمة جبل طويق كما قال سموه الكريم: (همة الشباب السعودي كهمة جبل طويق لا تنكسر). كيف تنكسر؟ وأنت بفكرك وهمتك وطموحك الكبير من يقود و يمسك بزمام تطلعات الوطن وآماله وأحلامه وإنجازاته العظيمة، وأنت من راهن على شباب الوطن وأخذ بيده ليخوض غمار التحديات وذلل له كل السبل والعقبات والصعاب.
لقد كان اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - لسموه الكريم وترشيحه لمنصب ولاية العهد اختيارًا سديدًا وموفقًا، حيث خبره وعرف عنه المقومات الأساسية القيادية والمواهب المبكرة التي بدأت تظهر عليه والتي عمل عليها وتدرب بامتياز على ركائزها إيحاءً وتطبيقاً لمدرستين أنموذجيتين في أصول القيادة والحكم لهما من التجذر والسمو والعبقرية والإبهار، ألا وهما مدرسة جده المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه-، ومدرسة والده الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله - وهو من حمل الجينات الوراثية الخاصة عنهما.
وما نراه اليوم وما سنراه في المستقبل القريب وينتظره الوطن والمواطن ما هو إلا نتاج ثمرة جناها في شخصيته القيادية الباهرة لجميع مكونات القيادة منهما بكل حزم وعزم وثبات وقوة.
حقاً إنه فخر لنا جميعاً أبناء وشباب الوطن لما يمتلكه سموه من صفات قيادية مبكرة والتي لو قمت بحصرها وعدها لما اتسع المقال للمقام، ولكنني ومن خلال قراءة سريعة ومتأملة ومعاصرة للمشهد السعودي والمنجزات والقرارات المهمة والجريئة التي أتخذها خلال الست السنوات التي أمضاها سموه ولياً للعهد امتازت بإضاءات الجسارة والشجاعة والمهابة ونفاذ القرار، والعمل الدؤوب والمتواصل ولساعات متأخرة من الليل وإعطاء قيمة حقيقية للوقت وتثمينه للعمل من أجل بناء وازدهار ونماء الوطن وتحقيق كل ما فيه المصلحة العامة لبلادنا المملكة العربية السعودية.
لقد عُرف عن سمو الأمير محمد بن سلمان أنه يعمل بحكمة وأناة، ويصنع القرار بوعي ورؤية وبُعد نظر، ويختار فريق العمل بدقة عالية متناهية، ثم يقوم بتوزيع الأدوار والمهام بخبرة ومهارة ودراية الخبير، وينفذ الأفكار والأعمال وفق الأولويات والاحتياجات الملحة، وهو من يفتح آفاقًا جديدة ونوافذ مشرعة لمشاريع عملاقة لن يكون آخرها: القدية، ولا نيوم، ولا بوابة الدرعية، أو مشروع البحر الأحمر، ولا حتى روشن العقارية، ولا مشروع أمالا، ولا حتى مشروع السودة للتطوير، ولا ما نتطلع إليه نحن سكان مدينة الرياض في مشروع حديقة الملك سلمان رئة الرياض الخضراء، فكل تلك المشاريع ما هي إلا بداية لصروح الرؤية العملاقة التي تبناها مهندسها الأمير محمد بن سلمان، وما هي إلا انطلاقة التغيير القادم والتي ستجسد مستقبل الابتكار والتجديد في الأعمال والمعيشة والاستدامة، وهي أحلام جريئة لولي العهد الملهم بدأنا نراها على أرض الواقع المعايش تحت رؤية السعودية 2030م.
ونحن نمر بتلك الذكرى الغالية لابد أن نستجلي بفخر واعتزاز أن المملكة العربية السعودية في هذا العهد الزاهر تعد أحد أكبر وأهم اقتصاديات العالم والتي يعمل عليها ولي العهد وبرعاية كريمة من لدن الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظهما الله - وهما يسعيان بجدية للعمل على مضاعفة حجم اقتصادنا وتنوعه وإيجاد بدائل للدخل غير النفطي، وهذا مؤشر حقيقي ورئيسي لنجاح الخطط الاقتصادية التي يقودها ولي العهد الملهم.
ولا يفوتنا ونحن نعيش هذه الذكرى أن نبرز مدى الأثر الكبير الناتج عن الوعي الكبير بمتطلبات المرحلة في إشرافه المباشر على ملف الفساد، وفي دور الرقابة والمحاسبة، وأنه كما قال سموه الكريم: (لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد كائنًا من كان وزيرًا أو أميراً أو أي أحد، والمتورط سوف يُحاسب) حتى رأينا في هذا العهد عهد العزم والحزم السبق في التنفيذ والتطبيق المباشر وبلا تردد أو تمييز على أرض الواقع، وكانت الإرادة الملكية لتعلنُ ذلك منذ بداية استلامها سُدة الحكم لأنها لم تكن راضية على مستوى أداء هيئة الفساد، ولأهمية ذلك جعلت الإشراف المباشر على ملفها من مهام سمو ولي العهد حتى أصبح اليوم مصطلح (نزاهة) و(أمانة) فكراً أخلاقيًا يتربى عليه الأبناء منذ الصغر في نطاق الأسرة والمدرسة والمجتمع.
ومحمد بن سلمان منذ تولى زمام المسؤولية لرئاسة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ومجلس الشؤون السياسية والأمنية وهو يعمل بلا كلل أو ملل ويدير اجتماعات مجدولة وطارئة لمناقشة ودراسة ملفات مقترحة ومتنوعة لكل ما فيه مصلحة ونماء ورفاهية الوطن والمواطن، ومعه فريقه من الوزراء والمستشارين، وقد أطاح بكل أشكال البروقراطية المقيتة لينهي بفكره المتقد وبعد نظره أية عقبات أو إشكاليات تطرأ مهما بلغت لكي لا تعيق إنجاز أي عمل أو مشروع تمت دراسة جدواه وتمت الموافقة عليه، إذ ينهي ذلك ويجد الحلول السريعة بالتوجيه المناسب بمكالمة هاتفية أو رسالة نصية بعد أن ربط جميع الدوائر ذات الصلة بعضها ببعض ليختصر الوقت والجهد نحو الترشيد الأمثل المتسارع، نحو الإنجاز وبأعلى جودة ممكنة وبقياس الوقت، إذ لا وقت لديه للتبرير أو الإعذار أو التسويف مهما كانت أو بلغت.
أسأل الله أن يحفظ لنا خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وأن يكلؤهما بعين رعايته وأن يديم علينا وعلى بلادنا نعمة الأمن والاستقرار.