عادل علي جودة
هكذا هي السعودية؛ لا تحتاج لمزيد قول، إنما تفرض على صاحب كل ضمير حي أن يفرد كف يمينه على موضع القلب من صدره احترامًا وإجلالًا لما يراه من محطات سامقة تشرئب إليها الأعناق.
هكذا هي السعودية بالأمس، وهكذا هي اليوم، وهكذا ستمضي بيقين نحو الغد؛ بقيادتها، بشعبها، بمقدساتها، بما وهبها الله من مقدرات، هكذا هي دومًا؛ تُتعب غيرها، وتُرهق من بعدها.
هكذا هي السعودية؛ تنظر بعيدًا في الآفاق، وتخطو عاليًا فوق الصعاب، وتغوص في العمق بلا وجل.
هكذا هي السعودية؛ بعينها الساهرة على سلامة حدودها، وطمأنينة شعبها، وتمضي بثبات نحو تقديم الغالي والنفيس للإنسانية بأسرها دون تمييز بين عرق ولون ولسان.
هكذا هي السعودية بوقفاتها اللافتة؛ ليس فقط نصرة لقضاياها، إنما أيضًا لقضايا الأمتين العربية والإسلامية، ولقضايا الإنسانية، على حد سواء.
ها هي اليوم تصل الماضي بالحاضر وتفتح حضنها لكل ما هو آتٍ في قابل الأيام، وشعارها الإبهار وهي ترسم بصماتها كدولة عظمى بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
ها هي اليوم تواصل الإسهام في علاج ما تتعرض له الأمة من محن، فما تركت بابًا إلا وطرقته لإنقاذ الدولة السودانية وشعبها وأراضيها.
وها نحن - في حين اتجهت الدول بمختلف أحجامها إلى إجلاء رعاياها دون غيرهم من السودان، وفي حين أن دولًا أخرى أجلت دبلوماسييها دون غيرهم من مواطنيها الآخرين (المدنيين) الموجودين في السودان - نجد السعودية؛ كما هي دومًا، تختلف؛ فهي لم تكتف بإجلاء رعاياها فقط من السودان، إنما وقفت شامخة تحمل معهم العديد من رعايا البلدان الشقيقة والصديقة.
ليس هذا فحسب، إنما أيضًا رأى العالم أجمع الكرم العربي الأصيل في مشهد يبهج القلب والروح؛ إذ وقفت النشميات السعوديات ووقف النشامى السعوديون بأزيائهم الرسمية وابتساماتهم الندية في استقبال هؤلاء الرعايا بالورود والحلوى، وحملتهم على أكف الراحة إلى حيث المأوى، والمسكن، والمأكل، والمشرب، لحين مغادرتهم إلى بلدانهم معززين مكرمين.
ألا فطوبى لك يا سعودية، ولله درك يا رعاك الله، ولله در مليكك الفذ، وولي عهده الشاب الذي استطاع في وقت قياسي أن يغير وجه التاريخ، ويشحذ همة المرأة جنبًا إلى جنب همة الرجل في مسيرة بدأت بخطى واثقة نحو تحقيق رؤية ماجدة سيكون لها - بحول الله - شأن عظيم.
وأراني هنا - وباعتزاز كبير - أجدد إنشادي:
هَا قَدْ تَلَأْلَأَتِ الْقُرُونُ مُجَدَّدَا
وَالْكُلُّ يَهْتِفُ صَادِقًا مُتَوَعِّدَا
وَأَئِمَّةٌ رَسَمُوا الْكَيَانَ بِهِمَّةٍ
عَزْمُ الرِّجَالِ حَمَى الْحُدُودَ وَشَيَّدَا
تَأْسِيسُ عِزٍّ شَامِخٍ لَا يَنْزَوِي
ذِكْرَى بِنَاءٍ عَانَقَتْ ذَا الْأَمْجَدَا
مَجْدٌ تَلِيدٌ مُقْبِلٌ نَحْوَ الْعَطَا
أَبْوَابُ مَدٍّ وَاعِدٍ لَنْ تُؤْصَدَا
هِيَ دَارُنَا هِيَ نَبْضُنَا طُولَ الْمَدَى
هِيَ ذِي النَّجَاةُ وَنَحْنُ صَدٌّ لِلْعِدَا
صَقْرُ الْجَزِيرَةِ صَحْبُهُ مِنْ حَوْلِهِ
رَفَعَ الْإِشَارَةَ لِلدِّيَارِ مُوَحِّدَا
هَذَا الزَّعِيمُ الْعَبْقَرِيُّ وَنَسْلُهُ
هُمْ لِلْوَغَى أُسْدٌ وَهُمْ صَوْتُ الْفِدَا
عَبْدُ الْعَزِيزِ الْيَعْرُبِيُّ وَشَعْبُهُ
أَسْيَافُ رَدْعٍ لِلْحِمَى لِمَنِ اعْتَدَى
طُوبَى لِمَنْ حَمَلَ الْحُسَامَ بِكَفِّهِ
وَأَعَادَ مَجْدًا لِلْجُدُودِ وَجَدَّدَا
تَارِيخُ إِرْثٍ ثَابِتٍ لَا يَنْتَهِي
أَنْفَاسُ هَامَاتٍ صَفِيَّاتُ النَّدَى
سَلْمَانُ يَا مَلِكَ الْبِلَادِ مُبَارَكٌ
عُرْسُ الْهَنَا بِالسَّعْدِ هَلَّ مُمَجَّدَا
وَوَلِيُّ عَهْدٍ حَازِمٌ نَحْوَ الْعُلَا
خَطَّ الْخُطُوطَ وَرَاحَ يَبْنِي سؤْدَدَا
عَلَمُ الْأَمَاجِدِ قَدْ سَمَا صَوْبَ الْمُنَى
وَالْخَيْرُ هَلَّ، بِرُؤْيَةِ الْمَجْدِ ابْتَدَا
يَا رَبِّ حَمْدًا دَائِمًا فِيهِ الرَّجَا
مَا رَفَّ طَيْرٌ فِي الْفَضَاءِ وَغَرَّدَا
هَذِي الدِّيَارُ سَمَاؤُهَا مَحْرُوسَةٌ
فِيهَا الْحَبِيبُ مُحَمَّدٌ نُورُ الْهُدَى
صَلَّى عَلَيْهِ اللَّهُ دَوْمًا وَارْتَضَى
وَعَلَى رِجَالَاتٍ لَهُمْ طِيبُ الصَّدَى
نعم؛ إنها السعودية وكفى.
**
* عضو اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين