مسفر آل فطيح
لازال شبح ما يسمى بالربيع العربي المشؤوم يطارد المواطن العربي ويحرمه من الأمن والأمان والعيش الكريم في وطنه وأصبح في رحلة لجوء مستمرة للبحث عن نعمة الأمن التي افتقدتها بعض البلدان العربية نتيجة الانقلابات العسكرية وقادة الميليشيات الموازية للمؤسسة النظامية العسكرية..
وصل عمر البشير للسلطة عام 1989 نتيجة انقلاب عسكري وأصبحت السودان تحت العقوبات الدولية وكان لها أثرٌ سلبيٌ على البلاد أمنياً واقتصادياً، وتم الزج بالجيش السوداني في معارك طاحنة جنوب السودان (دارفور)، وبعد عجز الجيش عن المواجهة تم تشكيل ميليشيات (الجنجويد) ولمع اسم (حميدتي) واستلم قيادتها وأعطاه البشير صلاحيات واسعة موازية للجيش..
وبعد المظاهرات التي تطالب البشير بالرحيل كان لحميدتي دورٌ في إسقاطه وتولى الجيش السلطة والفريق الأول عبد الفتاح البرهان (قائد الجيش) هو رئيس المجلس العسكري وحميدتي هو النائب، ميليشيات الجنجويد بعد انفصال جنوب السودان تم تغيير المسمى إلى قوات التدخل السريع ولازال حميدتي يرأسها..
كان هناك اتفاق بين البرهان قائد الجيش النظامي وحميدتي قائد قوات التدخل السريع (الجنجويد سابقاً) بدمج قوات التدخل السريع الذي يبلغ تعدادها ما يقارب 100 ألف، والجيش الذي تحت إدارة البرهان ما يقارب 200 ألف، ولكن حميدتي اشترط لإتمام ذلك عشر سنوات على الأقل مما أثار خلافاً عسكرياً بين البرهان وحميدتي..
الأطماع والتدخلات الأجنبية هي أحد الأسباب المباشرة لما يحصل في السودان من تغدية الصراع على الحكم بين الطرفين، ووصلت السودان إلى منزلق خطير بهذه الحرب..
ردود الأفعال الأمريكية والغربية تضع الكثير من علامات الاستفهام عندما طالبت بعدم التدخل في الشأن السوداني وضبط النفس، وهذا يؤكد بأن الهدف الأجنبي هو إطالة أمد الصراع بين الطرفين وتقسيم ما تبقى من السودان، كلا الطرفين يملك القوة العسكرية والدعم ولكن البرهان لديه التفوق في امتلاك الطائرات الحربية والمطارات العسكرية وهو قائد الجيش النظامي الذي يتحكم بالصلاحيات ويستمد الشرعية الدولية من ذلك..
البرهان وحميدتي يسابقان الزمن للسيطرة على العاصمة السودانية أو تصفية أحدهما للآخر لكسب المعركة التي هي على حساب الوطن والمواطن مع الأسف، لهذا لابد من تدخل عربي لإطفاء نار الفتنة وتغليب مصلحة السودان وأهله قبل فوات الأوان، ولاشك أن ما جرى هو مخطط له نتيجة خيبة الأمل لدى أمريكا والدول الغربية عندما تم حل القضايا العالقة في الشرق الأوسط، عندما لاح السلام في الأفق لتفقد بذلك القوى العظمى صوابها وتلجأ إلى دعم النزاعات ومن ثم المطالبة بضبط النفس لاستمرار الصراع وليس لوقفه كما تدعي، هناك بعض المقاطع المروعة لقصف عنيف ضد قوات الطرفين وربما لا تكون الأيام المقبلة حاسمة لصالح أي من الطرفين، ولازالت التساؤلات تطرح لماذا تم تفجير الوضع في السودان؟ ومن يقف خلف ذلك؟
بعد الاتفاق السعودي الإيراني وقرب عودة سوريا لجامعة الدول العربية والمصالحة اليمنية- اليمنية التي ترعاها السعودية وسلطنة عُمان، والمصالحة الفلسطينية فلاشك أن الشرق الأوسط يتطلع إلى صناعة السلام والتنمية والازدهار بعد سنوات من الثورات المشؤومة والاقتتال والحروب الأهلية في العديد من البلدان وستكون القمة العربية في المملكة استثنائية بإذن الله وتلبي تطلعات الشعوب العربية لتحقيق الآمال والأحلام التي يتمناها الأشقاء العرب، فقد وعد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله بجعل الشرق الأوسط (أوروبا الجديدة)، وأولى الخطوات هو تحقيق السلام والبدء في مشاريع التنمية المستدامة وهذا ما نراه يحدث، ولاشك أن قمة المملكة ستحقق ما كان يبحث عنه العرب منذ زمن بعيد بإذن الله..