د. محمد بن إبراهيم الملحم
سبق أن تحدثت عن مشكلة الدوام وجدولته في التقويم الدراسي حيث يكون الخميس عرضة لمؤامرة شاملة من جميع الأطراف لأنه جاء وحيداً متفرداً قبيل رمضان فتتغيب الغالبية العظمى من الطلاب، ويشبه حالته الأسبوع الأول من الدوام حيث بدأ الدوام بنهاية الأسبوع تقريباً الأربعاء مما جعل الظاهرة تتكرر، وفوق هذا وذاك فلا يزال المعلمون ومن يعملون في المجال التربوي والمدرسي من المديرين والوكلاء والمشرفين يتداولون بينهم كيف هو حال الدراسة في رمضان حيث الخمول والكسل وعدم الإنتاجية، وهذا ليس ذنب التعليم لا في أشخاصه الذين ينتمون إليه كمهنة سامية ولا في وزارته التي تجتهد وتحاول أن تجد أفضل ما يمكنها لتوازن الأمور ولكنه حصاد تغير اجتماعي (سلبي) حدث في حياتنا عبر السنين الأربعين أو الستين الماضية حينما انتشرت الكهرباء في البيوت والتلفزيونات وكثر المال وهجر الناس نوم الليل ثم الاستيقاظ للسحور على صوت المدفع أو «المسحراتي» (ونسميه في الشرقية أبوطبلة) وبدأت ظاهرة «السهر» العجيبة والتي لها مفاسد كثيرة ومتنوعة، وما ذكرته آنفاً فيما يتعلق بالتعليم هو واحد منها فقط، ولذلك فهي ظاهرة اجتماعية عامة تحتاج إلى علاج شامل وتغيير جذري (ولا تسألوني كيف)، المهم في الموضوع أن التعليم لا ينبغي أن يدير ظهره لهذه الحقيقة بل يجب عليه أن يتفهمها ويحسب حسابها، حتى لو كنا غير مؤيدين لهذا السلوك الضار، لكنما شيوعه في كل طبقات وشرائح المجتمع جعله واقعاً لابد من التعامل معه لتجنب شروره وأخطاره، ومن هذا المنطلق فإنه لا بد أن تتوقف ظاهرة الدوام في رمضان ويتحول إلى شهر إجازة، وأعلم أن حجة المخططين للتقويم الدراسي أنهم إن فعلوا ذلك فإن الفاصل الكبير وهو تقريباً شهر وأسبوع (الخاص بالعيد) سيكون له أثر سلبي على الطلاب حيث ستؤدي هذه الفجوة إلى نسيانهم ما درسوه قبل رمضان مما يصعّب من عملية التدريس، وأقدم اليوم حلاً لهذه المشكلة يتمثل في أن يداوم الطلاب يوماً واحدا كل أسبوع (وليكن آخر يوم بالأسبوع وهو الخميس) ولا تدريس فيه لكن يكون مخصصاً فقط لتأدية اختبارات قصيرة Quiz يعدها المعلمون فيما درسه الطلاب قبل رمضان، حيث ستعمل هذه الاختبارات القصيرة على تشغيل الطلاب في منازلهم طوال الأسبوع بالاستذكار والمتابعة وربطهم بالمادة طوال الشهر، بهذه الطريقة سيتم تلافي السلبية التي طالما أقضت مضاجع مخططي التقويم المدرسي.
هناك مشكلة أخرى يتفكر فيها المخططون أيضاً وهي «ماذا سيفعل المعلمون إذا ما جعلنا الطلاب في إجازة»؟ هل نعطيهم إجازة أيضاً؟ وبهذا تطغى إجازات المعلم على زميله الموظف الحكومي الآخر, وفي هذا الصدد أقول أولاً: إن المعلم «يستاهل» وأنا أتحدث عن المعلم المعطاء لا المهمل، ولكن إذا كان ولابد من هذه الحجة (الواهية في نظري) فليكن دوام المعلم في هذه الفترة مثل دوامه في فترة ما بعد الإجازة الصيفية وقبل دوام الطلاب حيث يكون حضور المعلمين لأجل القيام بما من شأنه تقوية مهاراتهم التدريسية من خلال التدريب بأنماطه وأشكاله المتنوعة، وبدون شك سيرحب المعلمون بذلك في مقابل دوامهم الرمضاني الحالي الذي يمارسون فيه التدريس بكل ما فيه من إرهاق وهم صائمون بينما الحضور قليل وغير متحمس.
قبل أن أكتب هذه المقالة، ولأني لا أحب التنظير، فقد سمحت لنفسي أن ألبس قبعة مسؤول التخطيط للتقويم الدراسي ورسمت خطة دراسية لثماني سنوات قادمة (حتى عام 2031) لأتأكد من واقعية ما أذهب إليه في أطروحاتي هذه، وقد وضعتها في تغريدة بحسابي على تويتر هذا رابطها https://twitter.com/mialmulhim/status/1651160059471335424?s=20 كما تجدون هذه الخطة هناك على هذا الرابط http://twitdoc.com/upload/mialmulhim/my-calendar-for-school-schedule-study.pdf وقد وضعت فيها رمضان كاملاً إجازة، بالإضافة إلى أمور أخرى تجدونها مشروحة هناك وسأتحدث عنها لاحقاً إن شاء الله، حالياً أتطلع إلى سماع آرائكم عنها وكذلك تصويباتكم فلا أسلم من الخطأ أو السهو بدون شك لا سيما أني عملتها في وقت وجيز ولهدف إثبات النظرية لا أكثر، كما أنه لم يراجعها خلفي أحد، وعموماً ربما أعود إليها لاحقاً لأقدم توضيحات أكثر لا تسعها الزاوية اليوم، ولكم تحياتي وكل عام أنتم بخير.
** **
- مدير عام تعليم سابقاً