من عيوبنا أننا شديدي القسوة على أبنائنا عند حصول أي تعثر أو رسوب لهم.
مع أننا لو قرأنا سير كثير من العظماء والمبدعين في شتى المجالات لوجدنا العجب العجاب.
فالكثير من العظماء كانوا فاشلين في المدرسة، وبعضهم تعرض للرسوب عدة مرات، والبعض كان عنده صعوبات في الكلام، وآخرون لم يكملوا الدراسة.
فمثلاً المخترع العبقري أديسون الذي اخترع المصباح الكهربائي وألف اختراع آخر كان طالباً بليداً في الدراسة، وكان كثير الشرود، وكان معلمه يصفه بالطالب الفاشل، حتى إنه طُرد بعد ذلك من المدرسة.
إذن كيف أتى بكل هذه الاختراعات؟
تولت أمه تدريسه في البيت، ووفرت له كتباً كثيرة فاستفاد استفادةً عظيمة من قراءة هذه الكتب وانطلق بعدها إلى عالم الاختراعات.
وعالم الفيزياء الكبير وصاحب النظرية النسبية أينشتاين تأخر في الكلام عدة سنوات، كما أنه كان بطيء الاستيعاب والمعلومة تدخل إلى دماغه ببطء.
ويُقال أن أينشتاين في بداياته رسب في مادة الرياضيات ولكنه لم ييأس ولم يُصب بالإحباط جراء ذلك ولم يتوقف عن العلم حتى غدا من أبرز العباقرة في القرن العشرين.
بل إن أحدنا إذا أراد أن يوصف أحدا ما بالعبقرية والذكاء قال له «أينشتاين» لأن العبقرية وأينشتاين باتت بمعنى واحد.
وفي مجال الأدب:
الأديبان الكبيران العقاد والرافعي رغم سعة علمهما وثقافتهما العالية ورغم أنهما ألفا كتبا كثيرة مع ذلك لم يكملا تعليمهما، ويحملان الشهادة الابتدائية فقط لكن الواحد منهما أشبه بالجامعة.
والعقاد عمل بعد الابتدائية عاملا في سكة الحديد وفي مصنع الحرير ومصلحة التلغراف وفي وظائف أخرى كثيرة، وكوّن هذا العلم العظيم من القراءة فكان ينفق راتبه على شراء الكتب.
فلا تقسو على أبنائكم أيها الآباء، فكثير من المبدعين في شتى المجالات، كانوا فاشلين في الدراسة، لكنهم لم يستسلموا ووصلوا العمل والبحث والمطالعة الحرة وكرسوا أوقاتهم للمعرفة، حتى أصبحوا عظماء كلٌ في مجاله
بعد جهدٍ ومثابرة دؤوبة.
** **
- عبدالله المسيّان