حصة مروان السديري
اعتاد إنسان العصر الحجري الرسم على الجبال والكهوف، فكان ينحت عليها أشكال الحيوانات قبل أن يعرف الكتابة! بعلم الآثار ماذا يعني ذلك؟
تخبرنا تلك النقوش عن تفاصيل حياة الإنسان آنذاك والحضارات التي عبرت المنطقة، من أزياء وأدوات للحرب، والأديان والمعتقدات، إلى جانب الحيوانات الموجودة التي مازالت موجودة، أو المنقرضة.
يزخر بلدنا الحبيب بالآلاف من تلك الرسومات الصخرية منذ العصور الحجرية! وبمنطقة نجران الكثير منها، حيث قام الدكتور: مجيد خان بدراسة مفصلة عنها، وتحديدا عن رسومات الآلهة علياء، والتي تعود إلى 2000-2500 قبل الميلاد، والتي تمتاز رسوماتها بإظهار تفاصيل دقيقة عنها، كطول الشعر، وبُعْدِ مَهوى القِرط ونحافة الخصر، لقد قام الدكتور: مجيد خان بمقارنتها من منطلقات دينية بإله الخصوبة عشتار، وقد رُسمت بجانب مأوى صخري بجانب مياه كما يعتقد أنه مكان للعبادة و التجمعات الدينية.
ومن الكنوز الأثرية التي تحظى بها مملكتنا، موقع آثار جبة في حائل، حيث ضمّ هذا الموقع لمنظمة اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي، وتتراوح أزمنة النقوش فيه لحوالي ثلاث فترات مختلفة يعود أقدمها لقرابة عشرة آلاف عام، وقد نُحت فيه أشكال للإنسان والحيوان، بغاية الدقة والمهارة. ويتوسط آثار جبة بحيرة عريقة تنعكس فيها سحب السماء وتلتف حولها كثبان رملية ذهبية.
كما عُثر على نقش ذي قيمة عالية بمحافظة الحائط أيضا في حائل، يعود عمره إلى 539-556 قبل الميلاد ويعود هذا النقش العتيق للملك البابلي نابونيد، حاملا بيده صولجانا، وأمام ناظريه عدد من الرموز الدينية، ومعها 26 سطرا مسماريا يُعدُّ أطول نص كتابي عثر عليه في المملكة إلى الآن.
وتتزين أراضي مملكتنا وصحاريها وجبالها بالكثير من النقوش والحضارات التي عبرتها على مر العصور، وُثق جزء منها بفضل الله ومنته، والقادم واعد، والعديد من الأبحاث العلمية لاتزال قيد التنقيح والعمل.