رقية سليمان الهويريني
دعوني أطلق عنان الفكر حول نهوض مفهوم التنمية الثقافية وتحرير دوره وتأثيره من خلال قيام منشآت القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، بدعم الحياة الثقافية في المملكة، ومد جسور الحوار الخلاق بين المفكرين والمثقفين والفنانين وبينهم وبين الجمهور العريض. حيث توجد فجوة ثقافية بين الأطراف تحتاج لردم.
والحق أن طموحاتي تتعدى ذلك وتمتد لتحقيق مفهوم التنمية الثقافية الشاملة بما تتضمنه من دعم الفنون والثقافة والارتقاء بهما ونشرهما لدى مختلف فئات المجتمع. ولن يتأتى ذلك إلا من خلال السعي للكشف عن المواهب الشابة في مختلف مناطق المملكة ودعمها ووضعها على طريق التميز والإبداع، وتكريم المخضرمين الأوائل الذين مارسوا التنوير في زمن الجهل والظلمة، والعناية بالمسنين منهم ممن يحتاجون رعاية واهتماماً!
وطموحاتي لا تقف عند هذا الحد، بل تتجاوزها لدعم أصحاب المشاريع الثقافية بمفهومها الواسع وليست المهرجانات والفنون المسرحية أو السينما أو كتاب الدراما والمسلسلات فحسب. وأقصد توجيه المجتمع نحو الحياة السليمة التي يدعمها الفكر والتنوير، لأن أصحاب هذه المشاريع يتسمون بالندرة! ومن خلالهم يمكن توجيه كافة الفنون والنواحي الثقافية الأخرى نحو تعديل السلوك الاجتماعي وحتى الشخصي من خلال المحاكاة والتقليد، أو المساهمة بصنع قدوات اجتماعية تتسم بقدرات هائلة من السلوك السوي وتقود المجتمعات نحو القيم السليمة. فضلا عن الدور المنوط بهم بتغيير لغة الخطاب الثقافي المسيطر حاليا والذي قد تشوبه الوحشية بسبب مذهبي أو قبائلي أو مناطقي، وذلك الخطاب المتطرف هو أفة المجتمعات النامية وسبب لتعثرها في طريقها للحضارة.
ولن يتسنى لهؤلاء العطاء والإبداع إلا حين تحتضنهم مظلة رسمية كصندوق التنمية الثقافي، وذلك بتفريغهم من أعمالهم ودعمهم معنويا وماليا مما يجعل لديهم مساحة واسعة للفكر دون الانشغال بالسعي وراء توفير متطلبات الحياة. ويمكن الاستعانة بالشراكات الاستراتيجية وتوفير موارد اقتصادية تدعم مشاريع الصندوق، ولا شك أن مخرجات تلك الأفكار ستكون ملموسة اجتماعيا وتتيح للجميع المشاركة بها من خــلال انشاء بنــك للأفكــار الثقافية التي تهدف للتنوير وتجويد الحياة التي تصب في برامج رؤية 2030.
وحيث يتاح لكل شخص تقديم مشروع ثقافي، يمكن الوقوف بجانبه حتى لو كان مشروعه منخفض الأثر ويتم تقييمه بحسب مستوى انتاجه وبالتالي يتم دعمه أو دمجه مع مشاريع أكبر حين تحقق المطلوب، أو إلغائه حين يشكل عبئا، حيث لا مجال للمجاملات في الشأن.