أ.د.عثمان بن صالح العامر
طبعاً الرجال والنساء، الشباب والفتيات، العامة والخاصة، جميع الطبقات وكل الأطياف المجتمعية يبحثون ويتطلّعون ويأملون العلم الغانم والذكر الطيب والسيرة العطرة والخاتمة الحسنة، وهذا كله مرهون بسمعة الشخص وسيرته في الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه، ولا أعتقد أنّ عاقلاً يقول غير ذلك، كما أنني أؤكد هنا أنّ العقلاء يتفقون على أنّ التصرفات الحسنة والسجايا الطيبة والسلوك الرزين مرتهن هو الآخر ببقاء العقل واتزانه، ولذا تتفق الشرائع الربانية، والقوانين الوضعية، والقيم الإنسانية، والمواثيق الدولية، والأعراف الاجتماعية، والفطر السليمة، على محاربة كل ما من شأنه الإخلال بهذه الجوهرة الثمينة في ذواتنا ودواخل أجسادنا (العقل)، والمخدرات والمسكرات والخمور مهما تغيرت مسمياتها واختلفت أشكالها وتنوعت مصادرها هي أشد ما يفتك بالألباب ويذهب بالعقول ويفسد الذّوق ويقتل المروءة وليس معها مراجل - بالمعني المجتمعي المعروف - ولا يحسن بأي رجل عاقل أن يقارفها، وما عانت الإنسانية أشد فتكاً وأكثر ضرراً وأوسع انتشاراً من المخدرات خاصة الشبو في هذه الأيام، وضحاياه كما يقول الخبراء يفوق عددهم ضحايا الحربين العالميتين المعروفتين في التاريخ.
إنّ كلاً منا يعرف من القصص والحكايات، وسمع من الروايات والأخبار الشيء الكثير الذي ينذر بخطر جسيم يطرق الأبواب ويهدد الأسر ويفسد المجتمع، ويومئ بخراب الأوطان وهلاك الديار لا سمح الله.
أعرف أنّ آباء أهدروا أموالهم، وباعوا منازلهم، وعرّضوا بأعراضهم أغلى ما يملكون وأحب ما يجدون بسبب المخدرات، والنهاية هم قابعون في غياهب السجون.
أعرف أنّ هناك من تعرّضوا للتهديد وربما تراقص الموت وما زال يتراقص بين عيونهم صباح مساء من أقرب الناس إليهم، الزوج أو الوالد أو حتى الولد بسبب المخدرات.
وفي دائرة الحرب الواسعة التي تشنها دول ومليشيات وأحزاب معايدة على المملكة العربية السعودية وظفت المخدرات سلاحاً فتاكاً في أيدي أعداء الوطن خارجيا وداخليا للاسف الشديد لضرب عقول شبابنا وفتياتنا وإفساد مجتمعنا وإعاقة تنمية بلادنا فكان ما يعرف بالشبو خاصة سببا لكثير من المآسي والجرائم والنزاعات، ولذا كانت مع مطلع هذا الشهر الحملة الأمنية المشددة لمكافحة المخدرات، بترتيبات وقرارات وصلاحيات جديدة قوية وصارمة، وبمتابعة وإشراف مباشر من لدن مقام سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين، رئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات شخصياً.
لقد بذلت وزارة الداخلية ممثلة بالمديرة العامة لمكافحة المخدرات، وهيئة الدخل والزكاة والجمارك، وبقية الأجهزة الأمنية والرقابية في المملكة العربية السعودية وما زالت تبذل جهوداً كبيرة، من أجل الوقوف ضد عصابات التهريب والترويج والبيع والتعاطي لهذا الوباء القاتل والمدمر للأفراد والمجتمعات والشعوب، وبقي دور المواطن وولي الأمر ورجال التربية والإعلام!!.
كما أنّ على المرأة في مملكتها الأسرية مسؤولية مباشرة في المحافظة على أسرتها والتواصل مع الجهات الرسمية من أجل حماية نفسها وأطفالها من ويلات أبيهم، إنْ كان - لا سمح الله - ممّن أدمن المخدرات.
إنّ الوقاية هي الخطوة الأهم في حياة الأمم، والوعي والإدراك لخطورة النتائج والمصير المنتظر، هو أول سبل الحماية لأبناء الجيل من دمار الحاضر وشتات المستقبل.. وأصدقاء السوء، والسفر بلا ضابط، وادعاء محاولة الهروب من الواقع، والاستمتاع باللحظة، والاستراحات البعيدة عن المراقبة الأبوية الواعية، والميل إلى التجربة والمخاطرة، وإغواء الشياطين ومؤثرات الهوى، هي جميعاً أو فرادى أسباب الوقوع في براثن المخدرات خاصة الشبو لا سمح الله، ولذا لا بد أن يكون على رأس كل سبيل من هذه السبل رجل أمين وامرأة واعية بدل أن يكون شيطان أنس أو جانا.
إنني أتطلّع إلى التفاعل الشعبي العام مع هذه الحملة الوطنية الواعية، يشارك فيها الجميع مؤسسات وأفرادا، من أجل حماية مجتمعنا من المخدرات، والمجتمع العاقل من اتعظ بغيره، والهالك من أتبع نفسه هواها وغلبته الأماني الفاسدة والظنون المفسدة، وسلمت لنا رمزاً وعزاً سيدي ولي العهد الأمين، وخسيء وخسر أعداء الوطن وشرذمة المفسدين ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.