إهداء:
إلى التي رحلت عنا فجر الخميس
14 شوال 1444هـ،
إلى الأستاذة القديرة، أميمتنا الغالية:
أ.د.وسمية بنت عبد المحسن المنصور رحمها الله
تصدَّعتْ قلوبُنا حزنًا وكمدًا، ولا نقولُ إلا ما يُرضي ربَّنا:
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}
اللهم اغفر لها وارحمها واجمعنا بها في مستقر رحمتك.
أحسن الله عزاءكم شيخي الفاضل: أبو أوس أ.د.ابراهيم الشمسان، وأحسن الله عزاءكم يا فلذات كبدها: أوس وبدر وديما وبدور، وأحسن الله عزاء أهلها وأحبتها وعزاءنا جميعًا.
حقًّا أبا أوسٍ؟!
كيفَ استبدَّ بيَ الوجومُ الأكبرُ
لا شيءَ في هذا الوجودِ سيخبرُ
وبرَغمِ هذا الحزنِ يعصِفُ داخلي
اللهُ من كلِّ المواجعِ أكبرُ
أنا لستُ أدري كيفَ باغتَني الأسى
والصبحُ أظلمَ فهْو داجٍ أغبَرُ
جاءَ النعِيُّ فكانَ أولُ خاطرٍ
أينالُ موتٌ من فؤادٍ يُزهرُ
قد زلزلَ الخطب المُفاجئُ أضلُعِي
وشعرتُ قلبِي جمرةً تتسعرُ
وهرعْتُ أختطفُ اتصَالًا للذي
سيمدُّني علمًا به أتَبَصَّرُ
حقًّا أبا أوسٍ! فجاوَبَنِي أسًى
يبْكِي وأبكِي، والقُلوبُ تَفطَّرُ
شيخِي! وصوتٌ لا يزالُ بمسمَعِي:
أمْرُ الإلهِ أتَى وذاكَ مُقَدَّرُ
دارتْ بيَ الدنيَا، فكيفَ بحالهِ
وجثوتُ أبكِي، بالدُّعا أتصبَّر
يا ربِّ لا حولٌ لنَا أو قوةٌ
أنتَ الحكيمُ وأنتَ ربي الأخبَرُ
وذهبتُ صوبَ حديثِنا في هاتفِي
مفجوعةً ملهوفةً أتحسَّرُ
بالأمسِ بشَّرْتِ فؤادي أنكِ
في صحةٍ بلْ قلتِ إنكِ أنضَرُ
وتبعتِ ما بشرتِنِي ببشارةٍ
أخرى وقلتِ هيَ السرورُ الأكبرُ
قلتِ: لقد منَّ الإلهُ وصمتُهُ
رمضانَ ثم الستَّ، ما أتأخرُ
وبأنكِ عما قريبٍ بيننا
هذي البشائرُ لي حديثٌ ممطرٌ
لولا اليقينُ وحُسْنُ تسليمٍ لقدْ
كادَ الفؤادُ يطيرُ مما أشعُرُ
ورجعتُ أستمعُ المقاطعَ كلَّها
صوتٌ سماويٌّ بروحي يعبُرُ
كالطفلةِ الولهَى أُكفْكِفُ أدمُعي
وأنا بحَمْلِ مصيبتي أتعثَّرُ
أبكي التي كانتْ كمثْلِ أُمَيْمَتِي
بحنانِها وبحبِّها كم تغمُرُ
مَنْ لُطفُها عَمّ الجميعَ فكلُّهُم
لخصالِهَا بعدَ الفجيعةِ يذكُرُ
ولسانُهَا بالذكرِ رطبٌ لاهجٌ
حمدًا وشكرًا لا يَكُّفُ ويفتُرُ
مَن قدْ أحبَّت مكةً، وتعلَّقَتْ
بالصالحين محبةً لا تُنْكَرُ
مَن قد أحبَّتْ زوجَهَا وأحبَّها
شابُوا على حبٍّ بهِمْ يتجذَّرُ
وعيالُهُم سارُوا على منوالِهِم
دربٌ من الأفضالِ لا يتَقَهْقَرُ
وَسْميَّةٌ، سِمَةُ الجَمالِ لها المدى
أرضٌ، ومُتَّكَأٌ، ودربٌ أخضرٌ
ولها القلوبُ مجالسٌ وحفاوةٌ
من فرطِ ما بالحبِّ كانتْ تأسِرُ
مخمُومَةٌ، سُلَّتْ سخيمَةُ قلبِهَا
تمضي بلا لومٍ، وكُلًّا تعذُرُ
محبوبةٌ وُضِعَ القَبولُ لذِكرِهَا
وكذاكَ أحسبُهَا وربِّي أخبَرُ
وكريمةٌ عُرفِت بحسنِ ضيافةٍ
فالبيتُ بالأحبابِ دومًا يُعمَرُ
وتحبُّ موطِنَهَا الكُويتَ وأهلَهَا
وتحبُّ مملكةَ العطاءِ وتفخَرُ
أُستاذةُ النحوِ الجليلةُ أنفَقَتْ
سنواتِها بالعلمِ بذلًا تنشُرُ
ويزيدُهَا علمًا تواضُعُهَا الذي
كلُّ الذينَ تعاهدُوه تأثَّرُوا
وجهٌ بَشوشٌ طيبٌ متفائلٌ
طُهْراً يشِعّ وبالرِّضا مُتدثِّرُ
قلبٌ نقيٌّ أبيضٌ متوهجٌ
تلك الشمائِلُ لا تُعَدُّ وتُحصَرُ
ما زلتُ أذكُرُ حين شرَّفَ خطوُهَا
بيتي، بها يزهُو ووجهي يُسفِرُ
ودعوتُ أحبابِي الذين تحلَّقُوا
من حولِهَا، للهِ ذاكَ المنظرُ
ما زلتُ أذكرُ حينما لاطَفْتُها
بالوردِ، إذْ هيَ بالورودِ الأجدرُ
فإذا بها جعَلَتْهُ أقربَ منظَرٍ
وردًا يدُومُ بقُرْبِها إذ تنظُرُ
مَنْ قدْ تَمَنَّتْ أن أُتِمَّ رسالتِي
ليكونَ لي منهَا احتفالٌ مبهرٌ
أوصَتْ أبَا أوسٍ علَيَّ كأنَّنِي
بنتٌ لهُمْ، وأنا بذلِكَ أفخَرُ
اليومَ عُدْتُ لكَيْ أُتِمَّ دراستي
فوجدْتُ أنِّي لمْ أزَلْ أتعَبَّرُ
مَا زالَ في أُذْنِي صدَى دعْوَاتِها
تُوصي بأنْ أمضِيْ ولا أتَأَخَّرُ
لكنَّ دمعي لمْ يجفَّ للحظةٍ
اغفرْ ليَ اللهُمَّ إنكَ تعذُرُ
فإذَا شعرْتُ الغَمَّ يُوهِنُ قُوَّتِي
إنِّي لحُسْنِ ختامِهَا أتَذَكَّرُ
طوبَى المماتُ على يمينٍ طاهرٍ
وعلى صيامٍ، نِعْمَ ذاكَ المَنْظَرُ
تَتْلِين آيَ اللهِ آخرَ مَنْطِقٍ
بسكينةٍ طابَ الختامُ المُبْهِرُ
بلْ إنَّ ربِّي قد أجابَ دعاءَكِ
أنْ ترحلِي من دُون جَهْدٍ يُذكَرٌ
فأتاكِ أمرُ اللهِ ألطفَ نعمةٍ
نومًا هنيئًا بالجنانِ يُبَشِّرُ
قدِ كنتِ توصيني بأن أدعو لكِ
وخَشِيتِ أنْ أنْسَى ولا أتذكَّرُ
إنِّي على عهدٍ قطعتُ أمَيْمَتِي
أَدْعُو كمَا أوصَيْتِنِي بلْ أكثَرُ
** **
- أمل الشقير