د.سماح ضاوي العصيمي
لا شك أن نشاط الفرد السعودي في الفضاء الإلكتروني مؤثر، خاصة تجاه أي حدث أو توجه، فالأفراد لدينا يغلب عليهم طابع المعاملات التقنية الرسمية، وفي استقاء بعض الأفكار والثقافات من مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة والمتنوعة، فنلحظ مشاركة الفرد السعودي الفاعلة فيها إما لتعليم أو تعلم واستثمار أوحتى بالمشاركة بنقد أو ترحيب أو تطوير...، وما عزز تلك الفاعلية المؤثرة للفرد السعودي في العالم الافتراضي وقوة حضوره؛ تولي القيادة الحكيمة لدينا في استثمار هذا التطلع في التطوير الرقمي والتحول التقني في مجمل الكيانات الحيوية في السعودية الأمر الذي يعد فارقة تنموية بالمقارنة لكثير من المجتمعات المتقدمة والمتخلفة على سواء.
ولأننا اكتسبنا خبرة طويلة المدى في حماية الأمن الفكري ضد التطرف والانحرافات الفكرية عبر الوسائل التقليدية في الثمانينيات والتسعينيات الميلادية، وطرق رُعاته في إيجاد الوسائل والشعارات المتحولة والحربائية في التلون وفق المرحلة؛ فما كان عبر الكاسيت والمنشور وكتيبات الورق، تحول الى أفكار تنمية الذات وطرق تحسين الحياة الفكرية والنفسية والاجتماعية خاصة بما يتعلق بالاستشارات الأسرية غير المقننة، بل أصبح التعليم الذاتي الافتراضي الذي تطلقه بعض الكيانات مجهولة المنهج والمركز بغية إحياء وتدوير لبعض الأفكار والمفاهيم الحركية الهادمة، حتى أنها تشعبت الى محاولة استنزاف الأفراد اقتصاديًا بالاحتيال وبيع الوهم (الهندسة الاجتماعية).
ولكي نستشرف مستقبل التحول التقني لمجتمع يستوعب تجدد التقنية وتطورها المستمر بنجاح، لا بد أن يُستحكم الأمن الفكري ودراسة أساليب وتحورات الأفكار الحركية بأنواعها، فلا يمكن أن نعتمد على المعالجات الإصلاحية المبنية على نتائج الانحرافات وآثارها الفكرية، بل يجب العمل على كبحها باستباقها ومكافحتها باستشراف طرقها ومنافذها، أنجع بترًا وأسلم مستقبلا فلا خصوبة متاحة لفكر الأجيال سوى لبذور الاعتدال والبناء الإنساني. وبما أن مجتمعنا يتعرض لهجمات فكرية من كيانات ولجان الكترونية مشبوهة تنشط بتوجيه منسق عند أي إصدار القرارات الخادمة للمجتمع واقتصاده، أو الإعلان اتخاذ إجراءات تحمي أمن المجتمع وتعزز من اعتداله، بل حتى عند أي إنجاز علمي أو مشروع اقتصادي نجد حالة إرجاف نشطة تقوم بها معرفات هائلة على أنها تمثل المجتمع الرافض وغير المتقبل لأي تغييرأو تطوير أوتصحيح، فلعل فالمتمعن في نشاط الإرجاف التقني أن موجه بتركيز لجيل ما بعد 2000م الجيل الذي عُقد عليه الأمل في قيادة المستقبل واستدامة ازدهاره وتنميته، جيل الذكاء والإنجاز والتمكين، جيل عنان السماء والهوية السعودية الخاصة؛ فعليه أن نبني سياجًا تقنيًا لا تقليديًا تجعل منه جيلا فطنًا لأي طرح أومحاولة توجيه مستقبله، قد تحرف الفكر عن اعتداله وتستنزف طاقاته في غير محلها، فتضمين منهج أساسي في الخطط التعليمية هو ضرورة مُلحة وخطوة استشرافية في تعزيز الأمن الفكري لمجتمع وجيل تفاصيل حياته لا تقليدية.