م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - العرقية هي بناء هوية مستقلة للدفاع عن الذات، من خلال بناء أساطير تجعل منهم أقلية منغلقة على ذاتها في التزاوج والتعامل والتجاور.. وهذه الأساطير رغم أنها خيال متصور إلا أنه يقع في الذهن الفردي والجماعي مكان الحقيقة المطلقة غير القابلة للنقاش.. وبالتالي فهي تؤثر في حياتهم من خلال التأثير على سلوكياتهم المبنية على رؤيتهم لأنفسهم وحياتهم والأحداث حولهم.
2 - تتطور العرقية حتى تنشأ حالة التفرقة بين الناس على قاعدة نحن وهم أو نحن والآخر.. فالعرقية في أصلها تخص الجماعة ذات السلالة الواحدة، الأسرية، القبلية، المناطقية.. ثم زادت المذهبية.. هذا التطور يخلق حالة من الشك والتوجس بين الفئات المكونة لذلك المجتمع حتى تتحول إلى قنبلة موقوتة قابلة للانفجار وخصوصاً إذا كانت بين أقلية وأكثرية.
3 - العنصرية هي حالة متقدمة من العرقية، الفرق أن العرقية هي حالة دفاعية عن الذات ومحاولة للتجمع ورص الصفوف حتى لا تذوب هويتهم في الأكثرية.. بينما العنصرية حالة هجومية تزيد من إقصاء وتصفية الآخر المختلف.. ويمكن تجاوزاً اعتبار أن للعرقية جانباً إيجابياً وهو الحماية من الذوبان، أما العنصرية فهي سلبية أخلاقية عدائية اتفق العالم على تجريمها.
4 - خطاب العرقية يقوم على التاريخ والمصير المشترك، والأصل فيها هو الخوف من الآخر.. أما العنصرية فهي محاولة للتسويغ الفكري والنظري للسلالات الحاكمة والطبقات الأرستقراطية، وتحولت إلى التبرير الفكري لتفوق السلالات العرقية والإثنية واللغوية على الآخر المختلف.. ويرون في هذا التفوق مبرراً لإقصاء أو استعباد الآخر.
5 - من أوجه العنصرية في عصرنا الحديث العنصرية الثقافية، وهذه تنشأ عندما تعلن جماعة ما مطالبتها بتحديد القيم الثقافية للمجتمع بأسره.. وبذلك تم إحلال العنصرية العرقية بالعنصرية الثقافية.. كما تظهر العنصرية حينما يتم التقييد على الهجرة للحد من تأثير ثقافة الأقلية على ثقافة الأغلبية.. وحينما يتم فرض الاستيعاب الثقافي ذو الاتجاه الواحد.. مما يجعله استيعاباً غير طوعي بل قسري ليس فيه حق الاختيار.
6 - لا يوجد مجتمع مهما كان متمدناً متقدماً متحصناً ضد العنصرية ومكوناتها العرقية الشعوبية، أو الدهماوية القومية، أو المذهبية الدينية، ونرى ذلك في أوضح صورة في دول الغرب عامة، وهم مؤسسي الأفكار الكبرى في مثاليات الحرية والمساواة وحقوق الإنسان.
7 - بروز العصبيات العرقية والمناطقية والمذهبية والقبائلية هي عودة للهويات الصغرى.. وقد يكون مفهوماً حينما تضعف مظلة الدولة الحديثة فتكون العودة إلى مظلة المذهب أو القبيلة لجوء المضطر.. لكن أن يكون ذلك تحت حكم قوي مزدهر اقتصادياً فهذا مدعاة للاستغراب.. فمبررات اللجوء إلى الهويات الصغرى تكون مبررات كارثية كالحروب الأهلية والانهيارات الاقتصادية لكن ما هو المبرر الذي تدفع المجتمعات المزدهرة اقتصادياً إلى العنصريات الضيقة؟