حمد بن عبدالله القاضي
عندما اعترضت زوجة الكريم حاتم الطائي على كرمه.. أو بالأصح الإسراف في سخائه فخاطبها بقصيدة جميلة منها البيت الشهير الجميل كوجه الكريم:
«أماويّ إن المال غاد ورائح
ويبقى من المال الأحاديث والذكر»
أجل - يا حاتم - ويا ماويه.!
إن المال غاد ورائح.
ولا يبقى سوى الذكر العذب، والأحاديث الحسنة والأجر الموفور.
* * *
تذكرتُ هذا الموقف وهذا البيت ونحن نرى في عصرنا نماذج من هؤلاء الكرام الذين يبذلون من أجل الآخرين، أو هم يعطون لأنهم يستلذون طعم العطاء.
وإن من أندى العطاءات وأجملها العطاء والبذل والسخاء من أجل الكلمة الجميلة، والثقافة الأصيلة والشعر العذب.
إن العطاء للأفراد جميل.
لكن العطاء للمعاني الكبيرة أجمل وأندى.
* * *
وكم نُكبر تلك الأسماء التي تعطي وتبذل من أجل الثقافة، والكلمة، والحرف في خليجنا وفي عالمنا العربي.
ولعل من أجلّ الأسماء التي لفتت الأنظار في عطائها وبذلها للثقافة رجل الأعمال الأستاذ الشاعر عبدالعزيز بن سعود البابطين.
هذا الرجل الذي فضل العطاء من أجل ثلاثيّ الأدب والشعر والثقافة التي هي هوية الأمة ورمز وجودها.
وقد كان بمقدوره، - شأن الكثير من رجال الأعمال العرب -أن يصرف ثروته في رغباته الشخصية وملذاته الذاتية فقط، أو أن بستثمرها أو يبقيها أرقاماً جامدة في البنوك.
ولكن هذا الرجل اختار الميدان الأجمل والأرحب للعطاء.. «الميدان الثقافي» ليصرف عليه من بعض ما أفاء الله به عليه.
فأنشأ جائزة للشعر.. وأصدر معجماً للشعراء.. وأقام الملتقيات الثقافية.. وفتح المدارس بالدول الإفريقية وغيرها وقدم المنح بالجامعات للطلاب العرب والمسلمين وأقام مكتبة بدولة الكويت تُعد من المكتبات المتفردة بمحتوياتها وإمكاناتها وكرّم أهل الكلمة والأدب واحتفى بهم.
وكم كان التوفيق حليفه حيث ضمّ شتات هذا العطاء بمؤسسة باقية «مؤسسة عبدالعزيزسعود البابطين الثقافية».
* * *
ومن توفيق الله لمؤسسها التي تزداد سنابلها عطاءً وتورق اخضراراً وجود كفاءات كويتية وعربية قديرة بالمؤسسة بدءاً بمجلس أمنائها الذي تم تشكيله من أسماء ثقافية لها تجربتها وعطاؤها الأدبي ويرؤسه مؤسسها التي يتوافر فيها جهاز تنفيذي فاعل آمنوا برسالة المؤسسة فأعطوا وأخلصوا.
* * *
* وآخر أعمال المؤسسة المتميزة ما رأيناه باحتفالية المؤسسة بدورتها الثامنة عشرة التي لعلها أيقونة الدورات بتنظيمها وتعدد ونوعية مناشطها وحجم وتميز حضورها من مختلف الدول ومن مختلف الأطياف الثقافية والاجتماعية والشعرية.
وكان خلف هذا النجاح عراب المؤسسة وراعيها الفاضل أبو سعود البابطين ومعه كفاءاتها التنفيذية النشطة كأمينها العام أ. عبدالرحمن البابطين ونائبه د. محمد أبو شوارب وأ. سامي حسني وزملاؤهم فضلاً عن مشاركة أبنائه وقد تميزوا جميعاً بإتقان العمل وجميل الخلق ومضئ التعامل.
ومزيداً من نجاحات وعطاءات المؤسسة وتحية لهذا الرجل الذي خدم الثقافة.. بماله وجاهه.. ووظف ماله فيما يبقى لا فيما يفنى.
وأدعو بختام مقالي لتكريمه خليجياً وعريياً فهو أعطى لثقافتنا شعراً ونثراً وهو للتكريم والاقتداء.
* * *
=2=
* آخر الجداول
هل يستطيع الكاتب الرحيل من فضاء الحرف؟
هذا لا يحدث
فهل رأيتم خيولاً ملَّت الصهيل?
أو وروداً سئمت بثّ الأريج?
أم أبصرتم جراحاً احتجّت على النزيف؟.
الحرف ملاذ