هياء الدكان
«ريحانة الحي» لقبٌ تستحقّهُ عبر السنين جارة مُحبَّة محمّلة بالخير أينما حلَّت. جارةٌ مُعينة لجاراتها، (عضوة) مُهمَّة في مجموعة جيرانها ببرنامج التواصل الاجتماعي، متفاعلة محفِّزة تردُّ على من تُسلِّم التحيَّة بأفضل منها.. من تُصبّح تُصبّح عليها، من تسأل تجُيبها، من تخطىء تُصحِّح لها.. بعفويَّة وحب.. متفاعلة، نشيطة تُوقظ في الجميع مكامن العمل وحيويَّة الحياة.
«ريحانة الحي» قلبٌ لا يعرف غير الحنان والعطاء، ويدٌ يشهد الجميع لها بكريم التربية وجميل الأخلاق والجوار.
«ريحانة الحي» صورة مشرقة لكل الطيبات، سماحةٌ ورِفقٌ وغيمةٌ بديعةُ الهطول في الأيام المجدبة، لله درُّها من جارة حانية ومن أنيس يُفتقد في الغياب والحضور.
عملٌ جادٌّ ورؤيةٌ طموحةٌ لربة بيت مِعطاءة لها ولمن حولها، لا تملك إلا أن تدعو لها بالبركة. تخرّجت معلمة ولم تعمل بدوام ولا براتب؛ لكن رسالتها التطوعيَّة، اللهم بارك. مُحلّقة في كل مكان، تُجبر الخواطر على قدر جهدها، وتتخيّر الأسلوب، ولها أيام وساعات مع كتاب الله الكريم، فتحفظ أجزاءً من كتاب الله وتنعم بصحبته.. مهتمَّة بمسجد الحي جدًّا، فساعة تُرسل له المطهرات أو معطّرات، وترسل طيبة (بخور) عبير من عبيرها (ريحانة الحي)، وتتفقّد احتياجاته وتتوقّعها، جعلها الله ريحانة الجنة. اختيرت في فترة مضت مشاركة متميّزة ضمن لجنة أصدقاء الحي في المركز الصحي التابع لحيها، مفيدة بآرائها، ملتزمة بمواعيدها.
تُطعمُ الطعام وتطيخُ وتزيد، فتهدي جيرانها وعَمالة الحي، كما تعدّه لأهل بيتها، وتُكرم الأطفال؛ حتى أن أطفال الحي أحبوها. الله يجعل محبتها عنده وملائكته، ويضاعف لها ويزيد، فمن أحبه الله حبّب خلقه فيه.. أطفال يسمعون ذكرها من أمهاتهم أو مرسالها عندما يقول: أنا من بيت طيبة الذكر.. تُرسل وتذوق من طعامها وهداياها الرمضانية خير بعد خير، وسنة بعد سنة، أطال الله عمرها وأحبابها على عافية ومسرّة وبركة وعمل صالح، آمين ومن قال: آمين. وتحمل بين طيات الهدية شيئًا لطفل أو طفلة البيت، وإن كان في البيت موهوب أو موهوبة أو كبيرة سن أوصاحب حاجة؛ فتزيد بشاراتها؛ لإسعادهم وتحفيزهم حتى أن الأطفال يرغبون في زيارتها ولا يعدّونها غريبة عنهم؛ بل الطيّبة القريبة من الجميع، والطفل لا يكذب في مشاعره ولا يُجامل.
إنها سِير طيبة تتجسّد في مجتمعنا، وهي غيض من فيض؛ قد يجعلك الله برحمة منه وفضل تشاهد بعضه في حياتك العابرة وطريقك السريع؛ لعلك تستفيد، ولعلنا نستفيد. تذكّرني - وفقها الله- ومن عمل مثلها وأخلص لنا ولها النية والذرية والأثر بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرنّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق». بالتبسم وهو يسير، لا يكلّفك شيئًا؛ بل إنه مفيد وصحي؛ حتى أن ملامح الوجه - سبحان الله- لو تأملنا تتغير بالتبسّم، والعين تُسرّ وتضحك وترقّ نظرتها، سواء كان بحضورك، أو وأنت تتحدّث مع أحد بالهاتف وتبتسّم، فيشعر بك مبتسمًا؛ يصبح كلامك ألطف وأكثر قبولًا وإقبالًا على القلب.
ومن الجميل وخُلق الجيران في السيرة النبوية إهداء الطعام - سواء أكان مطبوخًا أم ما يتيسّر من بعض الخضروات والفاكهة والتمور الجيدة التي يتخيّر أطيبها، أم أي مما يستخدمه الناس ويهدونه- وفي الحديث عن أبي ذر قال: إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني: إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها، ثم انظر أهل بيتٍ من جيرانك فأصبهم منها بمعروف».
إنه الخير كل الخير أن يصدر منك الخير والنفع للآخرين، غير أن الهدية تُدخل السرور على قلبك، فهي تدخله على قلوب الآخرين ولو كانت يسيرة، وتعاهد الجيران كما قال النبي صلى الله عليه وسلم بالاستمرار وإهدائهم حتى إذا كانوا أغنياء ففي الحديث «وتعاهد جيرانك». ومن المؤكد أن هناك المزيد والمزيد من الطيبة والعمل الخفي النقي في مجتمعاتنا الطيبة، ،وأنت منهم وأنتِ منهم، نحسبهم والله حسيب الجميع.