د. عبد الرزاق بن حمود الزهراني
الدخان آفة مدمرة، صحياً ومالياً وبيئياً واجتماعياً، وقد أشار د. محمد علي البار رحمه الله في محاضرة كنت ضمن حضورها أن ضحايا الدخان يفوقون ضحايا المخدرات والمسكرات، ويذكر هنري فورد في كتابه (اليهودي العالمي) أن كولومبوس عندما وصل إلى كوبا، وكان معه عدد من البحارة العرب واليهود، ذُكر لهم أن هناك جزيرة يوجد الذهب فيها فوق وجه الأرض، ركبوا قواربهم وتوجهوا لها، ولم يجدوا ذهباً ولكنهم وجدوا هنوداً حمراً (السكان الأصليين) يدخنون لفافات التبغ ويبصقون في الأرض، فقال أحد اليهود: لماذا لا يكون هذا التبغ بديلاً عن الذهب؟
وبعد اكتمال اكتشاف أمريكا تم التوسع في زراعة وصناعة الدخان، وكان معظم المسيطرين على تلك الصناعة من اليهود.
ومن يقع في التدخين فقد أصبح أسيراً وعبداً للسيجارة، ولا بد أن يكون لديه إرادة قوية ليحرر نفسه من هذا الأسر وتلك العبودية، وهذا ربما يكون فيه صعوبة في البدايات ولكنه ليس مستحيلاً.
يقول البوصيري:
وخالف النفس والشيطان واعصهما
وإن هما محضاك النصح فاتّهم
النفس كالطفل إن تهمله شب على
حب الرضاع، وإن تفطمه ينفطم
ولقد عرفت أناساً كثيرين حرروا أنفسهم وفطموا أنفسهم عن هذه العادة، فأشرقت وجوههم وتحسنت صحتهم ووفروا الكثير من المال.
والدخان قد يكون بوابة إلى المخدرات، فقد كانت رسالة الزميل د. سليمان بن قاسم الفالح وفقه الله للماجستير في علم الاجتماع من جامعة الإمام عن (العوامل الاجتماعية لتعاطي المخدرات)، وجد فيها أن جميع عينة دراسته كانوا من المدخنين قبل أن يتعاطوا المخدرات.
والمدخن يراه الصغار، وخاصة أولاده، قدوة، ويحاولون تقليده في التدخين، ومن ثم قد يجرهم ذلك إلى المخدرات، وهناك من يرى أن بعض أنواع الدخان المستورد توضع في سجائرها بعض أنواع المخدرات مثل الشبو، وهو من أشد وأخطر أنواع المخدرات.
يقول الشاعر الشعبي عبدالله البيضاني أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية:
كنت في ماض الزمان اهوى شراب الشيش (ه) والبكت
قصدي اتباهى بها والا فلا هي بحومة في راسي
فانها لا تشبع الطاوي ولا تروي من الظما
ولعة الشيطان يشعلها وتجري في عروق ابن آدم
تب لوجه الله يا ذا احرقت قلبك بالدخاينِ
مثل ما بطلتها وانا عشقتوها من أول مرة
ما عد أذكرها ولا قد بات راسي دايخن لها
يقول أحد من أقلعوا عن التدخين: لقد اكتشفت كم كنت ظالماً لنفسي ولزوجتي وأولادي وأقاربي..
نسأل الله أن يعين المدخنين على أنفسهم، ويمنحهم الإرادة القوية والعزم الأكيد على تركه وتحرير أنفسهم من عبوديته وأسره.
والله الموفق.