د. عبد الرزاق بن حمود الزهراني
اطلعت على مقال للأستاذ مشعل السديري يرى فيه أن أمطار الطايف المتواصلة كانت نتيجة استمطار، ولا أعتقد أن كلامه كان صحيحاً، فالاستمطار مكلف على ما أعتقد، ويمكن اللجوء إليه وقت القحط وانقطاع الأمطار لفترة طويلة، ولا شك أن المملكة قطعت شوطا في عمليات الاستمطار، وربما كانت بداية الأمطار نتيجة لتلك العمليات، وبعدها كانت الأمطار عامة في جميع مناطق المملكة تقريبا، وعلى مساحات شاسعة، وجميع مناطق المملكة، والجنوب خاصة، جاءتها أمطار غزيرة وبعضها كان مصحوبا بكميات كبيرة من البرد، واستمرت لفترات طويلة، ولو كان استمطارا لتوقف بعد أن تشبعت الأرض بالمياه، وبعد أن سالت الأودية عدة مرات، ثم إن الاستمطار لا يمكن أن يخلق السحب ولكنه يحفزها، والسحب التي تحمل المطر لا يسيرها إلا الله، فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء.
والتغيرات المناخية ظاهرة عالمية في كل مكان، ونتيجتها كانت فيضانات في أماكن عدة ومنها السودان، وباكستان، ولا يمكن لأحد أن يقول إن السودانيين والباكستانيين كانوا يستمطرون السحب، ولقد جمعتني قبل عدة عقود في الطايف جلسة مع معالي الشيخ سعود بن عبدالرحمن السديري أمير منطقة الباحة الأسبق والمستشار سابقا في الديوان الملكي رحمه الله وقد ذكر لي أنه في فترة سابقة وقديمة كان الطائف يشهد أمطارا كل يوم بعد صلاة العصر، حتى أن الشخص إذا قال لآخر: سأزورك غداً.
يكون الرد: بعد المطر أو قبل المطر؟
ومما ذكره لي في تلك الجلسة أن ابن عرب أقام نُزالة لمنزله الجديد في الطائف ودعا لها نائب الملك في الحجاز آنذاك الأمير فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، فلاحظ الفيصل وجود مروحة في سقف المجلس، فعلق على وجودها بما معناه: ما هذه الرفاهية يا يا ابن عرب؟ مروحة في الطائف؟ فكان رده: بأن شكلها جميل وتحرك الهواء عندما يركد.
وتمر العقود ويصبح فيصل بن عبدالعزيز ملكاً، ويأتي ابن عرب لزيارته في قصر شبرا، ويجد في مكتبه مكيفين. فأثار موضوع المروحة، وقال: اعترضت على المروحة في بيتي يا أبا عبدالله وها أنت تركب مكيفين في مكتبك..!! فرد الملك فيصل رحمه الله بأن الرياح كانت تعصف بالأوراق في المكتب وتختلط ببعضها فتم تركيب المكيفات رغم أني لا أحبها، وخاصة في الطايف. رحمهم الله جميعاً، وأدام علينا الأمن والأمان والاستقرار ووفق هذا البلد وجميع العاملين فيه إلى كل خير.
والله أعلم.