د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
بدأ يتعافى نشاط قطاع الإنشاءات تدريجياً مع بداية 2020 بعد فترة مليئة بالتحديات شهدت أداءً منخفضاً في مختلف دول المنطقة، أسهمت مجموعة من العوامل الرئيسية في انتعاش قطاع الإنشاءات أبرزها التنوع الاقتصادي، والإصلاح الاجتماعي، إلى جانب ارتفاع الطلب نتيجة النمو السكاني فضلاً عن الطموح المتجدد تجاه تحقيق نسبة عالية من تملك المساكن التي بلغت نحو 60 في المائة بنهاية 2022 مرتفعة من نحو 47 في المائة مع بداية الرؤية 2016، فيما برنامج سكني في السعودية يستهدف رفع نسبة التملك إلى 70 في المائة وهو أحد برامج رؤية 2030، حيث تبلغ مساهمة قطاع الإسكان في الناتج المحلي بنحو 120 مليار ريال، وارتفعت مساهمة قطاع التمويل العقاري في الناتج المحلي الإجمالي من 7 في المائة خلال عام 2016 إلى 29 في المائة بنهاية 2022.
بالإضافة إلى المشاريع الحكومية التي تبعث على التفاؤل على المستوى الإقليمي لقطاع الإنشاءات حيث تسعى إلى تحسين البنية التحتية للسكك الحديدية والمطارات والموانئ وغيرها من مرافق النقل، وبشكل خاص مرافق الترفيه والسياحة النشطة في السعودية لتحويلها إلى وجهة عالمية، خصوصاً وأن السعودية مقبلة على تحول ثقافي واجتماعي كبير منذ عام 2017.
ارتفعت قيمة العقود التي تم ترسيتها من 106 مليارات ريال عام 2016 إلى أكثر من 192 مليار ريال في 2022 يأتي هذا الارتفاع في قيمة العقود أيضاً إلى قطاع الطاقة الذي شهد نمواً ملحوظاً وإلى العقد الذي أبرمته شركة أكوا باور بشأن إنشاء محطة الشعيبة الثانية للطاقة الشمسية الكهروضوئية، حيث يشهد قطاع الطاقة نمواً ملحوظاً.
تستحوذ الإنشاءات على 51 في المائة من مشاريع السعودية بنحو 71 مليار ريال من أصل 333 مليار ريال في 2022، شكل قطاع الطاقة والنقل 80 في المائة من إجمالي المشاريع المطروحة، وإجمالي قيمة عقود الإنشاءات التي تم ترسيتها في 2022 بارتفاع 35 في المائة عن 2021.
تبلغ قيمة مشاريع دول المجلس أكثر من 2.6 تريليون دولار، فيما بلغت قيمة المشاريع في السعودية أكثر من 1.6 تريليون دولار، ارتفعت من 100 مليار دولار عام 2016 إلى 130 مليار دولار في 2017 مع معدل سنوي 135 مليار دولار بين 2009 و 2009، واحتفظت السعودية بمركز الصدارة كأكبر سوق من أسواق المشاريع في دول مجلس التعاون خلال عام 2022 بقيمة إجمالية 54.2 مليار دولار من العقود التي تمت ترسيتها، واحتلت الإمارات المرتبة الثانية بقيمة إجمالية وصلت 19.2 مليار دولار، تشكل السعودية والإمارات 70 في المائة من قيمة المشاريع في دول مجلس التعاون، واستحوذت مع قطر على 93.6 في المائة.
رغم التحديات العالمية، حيث ساهم رفع البنوك العالمية والإقليمية لأسعار الفائدة في إطار سعيها لكبح جماح التضخم سلباً على تمويل المشاريع في دول مجلس التعاون، عكس ذلك على العدد المحدود للمشروعات الكبرى في دول المجلس عدا سوق المشاريع السعودية التي شهدت نشاطاً كبيراً، وفقاً لبيانات صادرة عن مجلة ميد لا تزال التوقعات على المدى القريب إيجابية بالنسبة إلى المنطقة بدعم رئيسي من قطاع البناء والتشييد السعودي، خاصة فيما يتعلق بالعقود الكبرى لمشروع نيوم، وكان قطاع البناء والتشييد هو الدافع الرئيسي لتلك القفزة الهائلة بقيمة العقود المسندة ضمن هذا القطاع حيث شكل نسبة 59.2 في المائة من إجمالي قيمة المشاريع المسندة ضمن هذا القطاع في دول مجلس التعاون خلال 2022.
فيما تراجعت العقود التي تمت ترسيتها في دول مجلس التعاون نتيجة التحديات العالمية بنسبة 18.7 في المائة على أساس سنوي بنسبة 18.7 في المائة عام 2022 ليصل إلى 93.6 مليار دولار مقابل 115.2 مليار دولار عام 2021، يعد أدنى المستويات المسجلة منذ عام 2005 باستثناء الانخفاض الناجم عن الجائحة عام 2020، فيما تخطت القيمة الإجمالية للمشاريع التي تمت ترسيتها حاجز الـ100 مليار دولار سنوياً على مدار العقد الماضي باستثناء عام الجائحة 2020 وعام 2022.
ولا تزال آفاق النمو واعدة لسوق المشاريع في دول التعاون خلال عام 2023 حيث تخطت قيمة المشاريع في مرحلة الطرح أكثر من 110 مليارات دولار وفقاً لبيانات صادرة عن ميد أيضاً بدعم رئيسي من قطاع البناء والتشييد السعودي خاصة فيما يتعلق بالعقود الكبرى، وبنمو يصل نحو 20 في المائة، ووفقاً لمجلة ميد فإن السعودية تعتبر أكبر سوق للمشاريع وأكثرها أهمية، بقيمة تتعدى أكثر من 1.2 تريليون دولار من العقود المعلن عنها والمخطط تنفيذها والتي لم يتم ترسيتها بعد والتي ما زالت في طور الإعداد في المنطقة بقيمة 473.8و 169.8 ملياراً على التوالي.