أحمد المغلوث
لم أكن ولدت بعد عندما عقدت في الإسكندرية أول قمة عربية عام 1946م، لكنني سمعت عنها عندما أصبحت تلميذا في المرحلة الابتدائية وكنت أتردد كل مساء لمجلس خالي عبداللطيف -رحمه الله-، وكان مجلسا عامرا بالحضور من أقاربه ومعارفه من أعيان مدينتنا المبرز. حيث كان الجميع يصيخون السمع وكأن على رؤوسهم الطير وهم يستمعون لإذاعة الشرق الأدنى أو بغداد وصوت العرب. كانت تلك القمة وحسب ما سمعت عنها وقرأت عنها بعد ذلك وكان التواجد السعودي وضمن الدول العربية السبع التي شاركت في هذه القمة لافتا وكان الذي مثل المملكة في هذه القمة هو الملك سعود بن عبدالعزيز ولي عهد المملكة أيامها. مع أنه كانت هناك قمم أخرى سبقت هذه القمة مع إنشاء الجامعة العربية، لكن قمة «الاسكندرية» كان لها وضعها الخاص جدا لمواكبتها أحداث استفزازية من إسرائيل. وتعددت القمم العربية بعد ذلك خلال العقود الماضية، بعضها كما سجل التاريخ كان ناجحا وحمل العديد من الإيجابيات التي كانت في صالح الأمة العربية والإسلامية.
وتمضي الأيام وتأتي «قمة جدة» الـ 32 التي أناب فيها خادم الحرمين الملك سلمان -أمد الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية- ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ورئيس مجلس الوزراء. فكانت هذه القمة حتى اليوم محور التغطيات والتحليلات والمتابعات الإعلامية العالمية لما حملته من أجندات وملفات وأحداث. وخطط وبرامج للتدخل في حلحلة الصراعات الداخلية في بعض الأقطار العربية ومعالجة حرب العسكر في السودان التي تسببت في كارثة كبرى للسودان الشقيق.
ولا شك أن قمة جدة «التجديد والتغيير» كانت ناجحة بصورة مثيرة للتقدير والإكبار نتيجة طبيعية لحسن التنظيم والإعداد المبكر من قبل اللجان التحضيرية وللاهتمام الكبير من قبل قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها سيدي ولي العهد الذي استطاع بحكمته وما يتمتع به من تقدير كبير لدي مختلف قيادات الوطن العربي والإسلامي والعالمي مما جعل كتاب الرأي في مئات الصحف الخليجية والعربية والإسلامية والعالمية يكتبون تعليقاتهم وتحليلاتهم لهذه القمة وما تضمنته كلمات رؤساء الوفود من ملوك ورؤساء وأولياء العهود عبرت عن تقديرهم لقيادة الوطن وحسن التنظيم للقمة ومطالبة الجميع بتوفير الأمن والسلام للأشقاء في فلسطين الذين عانوا ومنذ 70 عاما من الاحتلال الإسرائيلي البغيض.
وكان سمو ولي العهد أثار الإعجاب والتقدير لما تضمنته كلمته في افتتاح القمة على عدم السماح بأن تتحول المنطقة العربية إلى منطقة صراع، وشدد سموه -حفظه الله- محورية «القضية الفلسطينية» وعندما أكد قائلا: إننا نعمل معا من أجل التوصل إلى حل.
ولا شك بعد ذلك أن مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد ولأول مرة منذ 12 عاما وما حظي حضوره ومشاركته من ترحيب وحفاوة كان موضع اهتمام إعلامي عربي وعالمي خاصة في عالم «الإعلام الجديد» ولا يمكن تناسي الحضور اللافت والمشاركة في هذه القمة للرئيس الأوكراني فلوديمير زينلسكي كضيف شرف وكان بالتالي حضوره موضع اهتمام من مختلف وسائل الإعلام في العالم.
هذا ولقد تضمن البيان الختامي لقمة «إعلان جدة» أكثر من 32 بندا شملت العديد من القضايا المهمة. وماذا بعد وكما نكتب ويكتب الغير من الزملاء. فقيادة وطن الخير التي إنجازاتها تتجدد كل يوم مع إشراقة شمس الوطن. وبالتالي حققت قمة جدة ناجحا عالميا.. ولله الحمد.